حقيقة الحقائق عقلًا و عاقلًا و معقولًا، و
علماً و عالماً و معلوماً. فهي الحق متجلياً لنفسه في نفسه في صور العالم المعقول.
و المسألة الثانية هي «الكلمة» من الناحية الصوفية و هذه يطلق عليها اسم الحقيقة
المحمدية و يعتبرها مصدر كل وحي و إلهام للأنبياء و الأولياء على السواء. و على
ذلك فالحقيقة المحمدية تساوي القطب عند الصوفية، و الامام المعصوم عند الاسماعيلية
و القرامطة: أي أنها المحور الذي يدور عليه العالم الروحاني. و ليلاحظ أن من أهم
أغراض المؤلف في كتاب الفصوص شرح العلاقة بين كل نبي و الأصل الذي يستمد منه علمه
و ذلك الأصل هو «الكلمة» أو الحقيقة المحمدية. فهو يفسر نوع ذلك العلم- الذي يسميه
حكمة كذا و حكمة كذا- و الاسم الغالب على كل نبي، لأن كل نبي تحت تأثير اسم إلهي
خاص إلا محمداً عليه السلام فإنه تحت تأثير اسم «اللَّه» الذي هو جماع الأسماء
الإلهية كلها.
و المسألة الثالثة هي «الكلمة» بمعنى الإنسان الكامل و قد لخصنا
كلامه فيها.
15- نتائج مذهب ابن عربي في المسائل الدينية و الخلقية
كان من الضروري أن يؤدي مذهب ابن عربي الصريح في وحدة الوجود إلى
نتائج لها خطورتها في ميدان الدين و الأخلاق. فنظريته في أن العلم تابع للمعلوم، و
أن علم اللَّه بنا تابع لما تعطيه أعياننا الثابتة بما هي عليه من الاستعداد و
الأحوال، و أن إرادة اللَّه لا تتعلق إلا بما علم. كل ذلك أدَّى إلى القول بأننا
مسئولون- من الناحية الصورية على الأقل- عما يصدر عنا من الأفعال، لأنه لا يصدر
عنا إلا ما تقتضيه أعياننا. و لكن ما قيمة هذه المسئولية؟ و ما معنى الحرية
الانسانية في عالم كل ما فيه خاضع لقانون الوجود العام و صادر عن اللَّه؟