فلان أو فلان، و هي تمثل صفة من صفات الحق،
كصفة الألوهية في الفص الآدمي، و النفثية في الفص الشيثي، و السبوحية في الفص
النوحي، و القدوسية في الفص الإدريسي، و الحقية في الفص الإسحاقي، و العلمية في
الفص الإسماعيلي، و الفردية في الفص المحمدي. فابن عربي لا يعرض في هذا الكتاب لمسائل
التصوف العملية أو النظرية، و لا يعرض لمسائل فلسفية بحتة، و لا لمسائل علم الفقه
يحاول تفسيرها تفسيراً صوفياً على نحو ما فعل في الفتوحات المكية و غيره من الكتب،
و لكنه يلخص مذهباً في الفلسفة الصوفية هو أدق و انضج ما فاض عن عقله و عاطفته
الدينية معاً، يقر فيه قضية عامة في طبيعة الوجود ثم يفرّغ عنها كل ما يمكن تفريعه
من المسائل المتصلة باللَّه و العالم و الإنسان: و هذه هي ناحيته الفلسفية، و
يتلمس تأييد هذه الفلسفة بالذوق الصوفي و التجربة الشخصية: و هذه هي ناحيته
الصوفية.
8- القضية الكبرى
و القضية الكبرى التي تعبر عن مذهبه، و حولها تدور كل فلسفته الصوفية
و تتفرع عنها كل قضية أخرى، و التي ملكت عليه زمام تفكيره فصدر عنها و عاد إليها
في كل ما قاله و ما أحس به، هي أن الحقيقة الوجودية واحدة في جوهرها و ذاتها
متكثرة بصفاتها و أسمائها لا تعدد فيها الا بالاعتبارات و النِّسَب و الإضافات. و
هي قديمة أزلية أبدية لا تتغير و إن تغيرت الصور الوجودية التي تظهر فيها. فهي بحر
الوجود الزاخر الذي لا ساحل له، و ليس الوجود المدرك المحسوس إلا أمواج ذلك البحر
الظاهرة فوق سطحه. فإذا نظرت إليها من حيث ذاتها قلت هي «الحق»، و إذا نظرت إليها
من حيث صفاتها و أسماؤها: أي من حيث ظهورها في أعيان