«وَ لَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ»[1] و على
آله و اصحابه الذين هم قاموا الحماية الدين و نصرة الاسلام و المسلمين، «أُولئِكَ عَلى هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ وَ أُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ».[2]
و بعد: فإنّا اصدرنا هذه المفاوضة الشريفة مخبرة عن خلوص نيّتنا و
المكاتبة اللطيفة معربة عن صفاء طويتنا الى الحضرة العلية الأكرمية الأفخمية
الأعظمية الأكملية الأكفلية الأفضلية العونية الغوثية، و هو الذى شمل المحاسن
كلّها و جرت عليه المفاخر ذيلها، و القت لديه المعالى مقاليدها، و ارجعت اليه
المكارم أسانيدها، حامى الحرمين المكرّمين المحترمين المبجّلين المعتصمين، ناصر
الاسلام و المسلمين، ظهير امير المؤمنين، لا زالت خواطره الشريفة مسرورة و مواد
ابتهاجها موفورة و أياديه مشكورة و محاسنه مذكورة، و لا خلا من عزّة يتمهّد أساسها
و نعمة يتجدّد لباسها، و حشمة يرتفع شراعها، و دولة يلتمع شعاعها، ما سبح سمك و
سبّح ملك؛ نهدى اليه سلاما يجمع القلوب على حبّه و ولائه، و يرفع الكروب عن عراص
الصدور بطلائع صدقه و صفائه و تناء يرفع غياهب التناكر عن مجالس الأنس بنوره و
سنائه، و ينفح المناهج القويمة و المعارج المستقيمة الى منازل القدس، يتلألأ نجوم
سمائه و نبدى لخاطره الكريمة ان علمه الشريف محيط بانّا لما عدنا من فتح الكماخ
مصحوبين بالسلامة، محفوفين بالعزّ و الكرامة، بلغ الشتاء و برد الهواء و جادت
السماء و تواصلت الانواء، و تواترت الانداء و اختلّت مثابة القتال و انحلّت معاقد
النزال. فقلنا نستريح هذه الشتوة و نستكمل الخطوة و نواصل الغزوة، و بيمن صدق هذه
العزيمة و الاستمرار فى الجهاد على التنيمة، نزلنا بدار سلطنتنا؛ فأقمنا فيها
بدولة وارية الزناد، عالية العماد، مطمئنة المهاد، دراسية الأوتاد، الى ان جاء
الربيع و غرض نسائم للاسحار صفوف الازهار على مراكب الاشجار، و شارب النبت قد طرد هارب
البرد قد فر فتقاضى عزيم عزمنا باعلاء كلمة الموحّدين على الملحدين، و يثبت قلوب
المتّقين على اليقين، و هذه العزيمة التى اصبحت بها كلمة الايمان منتشرة و وجوه
المسلمين بها ضاحكة و مستبشرة، و وجوه المشركين «عليها غبرة، ترهقها قترة، أولئك
هم الكفرة الفجرة».[3] جهّزنا
الفيالق و نشرنا البيارق و حشرنا الرواعد و البوارق و ترنحت الصوائل و تربحت
الزوائل، فضربت الكوس و سمّت النفوس، فعبرنا البحر، و النّصر مقبل و الظفر منهل، و
الميمنة و الميسرة باليمن ممتدان، و القلب له من التأييد و التمكين جناحان،
فتوجّهنا الى الديار الشرقية، فحين مجيئنا بلدة آقشهر- وقيت عن الآفة و القهر-
ظهر شىء من الاتّفاقات النادرة و الامارات السعادة الباهرة و ورد البشير من قبل
ليث الخادر و اسد زائر، و هو امير الامراء الكرام بالديار بكرية- صانه عن المكاره
الملك الاحد- فأخبر أنّ اسماعيل المخذول بعد انفتاح الآمد المحروسة و الخرپوت و
سائر قلاعها و جبالها،