نام کتاب : الموجز فى تاريخ فلسطين السياسى نویسنده : شوفاني، الياس جلد : 1 صفحه : 86
تبلورت بعد الخروج من مصر، و في أثناء
التجوال في الصحراء (التيه)، قبل الدخول إلى أرض- كنعان، و الاستقرار بها، بصورة
أو بأخرى. و يسود الاعتقاد بين المؤرخين أن العبرانيين لم ينزلوا كلهم إلى مصر، و
لا كل من عرف لاحقا باسم الإسرائيليين خرج مع موسى من مصر. و الجماعة التي تبعته
كانت من أصول متعددة، تجمعت حول رايته على قاعدة الشريعة التي بشّر بها، و الهدف
الذي سعى له في تجواله حول أرض- كنعان، باحثا عن سبل الدخول إليها.
و التغيير الفجائي في نمط حياة أتباع موسى، من العبودية لدى الفرعون
إلى الحرية في التيه، استلزمت أساسا روحيا للانضواء تحت راية قيادته لهم في
ترحالهم و تحديد مآلهم. و كان طبيعيا، بل حتميا، أن تأخذ شريعة موسى طابعا دينيا،
و خصوصا أن مسألة خروج الإسرائيليين من مصر بمجملها اتخذت صفة التدبير الإلهي. و
بحسب التوراة، صعد موسى إلى جبل سيناء، مقام يهوى- إله إسرائيل- و اختلى به، و
تسلّم منه الوصايا العشر. و بقبول أتباعه هذه الوصايا، أقاموا العهد مع يهوى، الذي
أصبح حارسهم و مرجعهم الأعلى و الأخير.
و في الواقع، فإن ديانة يهوى و شريعة موسى أدّتا دورا أساسيا في
تجميع قبائل عبرانية محلية حول راية أتباع موسى، القادمين من مصر، في مرحلة احتلال
أجزاء من أرض- كنعان و استيطانها. و يهوى، كإله حرب قبلي، و شريعة موسى، كأساس
للعهد معه، شكلا ضرورة حيوية للإسرائيليين في مرحلة الاحتلال، و بالتالي الصراع مع
أهل البلد الأصليين، كما مع القبائل الأخرى المنافسة. ففي الصراع مع الفلسطيين،
كما مع الكنعانيين و القبائل الأخرى المندفعة من الشرق، برزت الحاجة إلى طلب
المساعدة من يهوى و تدخله في القتال إلى جانب «شعبه المختار»، الذي قطع «العهد»
معه.
أمّا بعد الاستقرار و التحوّل إلى الزراعة، فقد برز التأثير الكنعاني
في العودة إلى عبادة آلهة الخصوبة، ذات الجذور العميقة في مجتمع المدن في الشرق
الأدنى القديم، مثل: إيل و بعل و عشتار و غيرهم. و كان تقبّل قطاعات من
الإسرائيليين، و خصوصا من الطبقات العليا و الحاكمة، العبادات الكنعانية
(الفينيقية) سببا في الصراع الداخلي، الذي اندلع مع قطاعات أخرى شعبية، كان يمثلها
الأنبياء. و قد تشبثت هذه القطاعات الشعبية بوحدانية عبادة يهوى، و بشريعة موسى، و
خصوصا في أوقات الشدة، الأمر الذي برز منذ أيام داود و سليمان، أي أيام المملكة
المتحدة، لكنه تفاقم بعد موت سليمان و انقسام المملكة.
و تنضح التوراة بالحض على التوبة إلى يهوى، و الخضوع لإرادته و
التشبث
نام کتاب : الموجز فى تاريخ فلسطين السياسى نویسنده : شوفاني، الياس جلد : 1 صفحه : 86