responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الموجز فى تاريخ فلسطين السياسى نویسنده : شوفاني، الياس    جلد : 1  صفحه : 491

نجم عن ذلك من تطوير ذاتي لذلك المشروع، حدث تراجع في العمل الوطني الفلسطيني، ذاتيا و موضوعيا. لقد أصبح هذا العمل جزءا من الوضع العربي العام، الذي انحاز إلى القوة الهابطة جرّاء الحرب، عالميا و إقليميا- بريطانيا. فما عدا «ثورة رشيد عالي الكيلاني» (1940- 1941 م) في العراق، التي انحازت إلى دول المحور، و انضم إليها بعض القادة الفلسطينيين، كانت الحكومات العربية تقف إلى جانب الحلفاء، عبر الارتباط ببريطانيا، بغض النظر عن مزاج شعوبها. لكن بريطانيا، التي سعت و لو شكليا لاسترضاء العرب، وجدت نفسها واقعة تحت ضغط أميركي- صهيوني، بينما هي في حالة حرب صعبة مع ألمانيا، لم تكن لها فيها اليد العليا في البداية، إذ كان الاتحاد السوفياتي لا يزال حليفا لألمانيا، و أميركا لم تدخل الحرب رسميا. و كان طبيعيا أن يعكس المأزق البريطاني نفسه على الوضع العربي، الذي وجد نفسه أمام خيار أهون الشرّين، أخذا في الاعتبار الواقع الذي يعيشه، بينما فتح أمام المنظمة الصهيونية خيار أولى الحسنين، فلم تتردد في انتهاز الفرصة.

لقد استغلت المنظمة الصهيونية مأزق العلاقات بين الحلفاء في أثناء الحرب لدفع مشروعها نحو غاياته، و في المقابل، استغلت بريطانيا المأزق الذاتي العربي لتمرير مناوراتها الرامية إلى إخضاع العرب لإملاءات استراتيجيتها العسكرية في الحرب. و كما فعلت حكومة لويد جورج في الحرب العالمية الأولى، فعلت حكومة تشرشل في الثانية، بتمرير الخديعة على العرب. لكن تشرشل، الذي لم يأل جهدا في خدمة الصهيونية، لم يفلح في احتوائها، و بالتالي الحؤول دون انتقالها إلى الحاضنة الأميركية، فخسر صداقة العرب، و لم يكسب رضى الصهيونية. و إذ خرجت بريطانيا من الحرب الثانية في المعسكر المنتصر، لكن موقعها فيه ضعف كثيرا عما كان عليه في الحرب الأولى. ففي الأولى كانت بريطانيا قوة مهيمنة، و استطاعت بعدها أن تكبح جماح أميركا، و تستخف بها، كما حدث في أثناء تشكيل عصبة الأمم، أمّا في الثانية فقد انقلبت الآية تماما. و بغض النظر عن النوايا البريطانية إزاء العرب، فإنها بعد الحرب الثانية لم تكن في موقع يتيح لها فرض إرادتها. لقد فقدت موقعها، عالميا و إقليميا، لمصلحة الولايات المتحدة. و استغلت الصهيونية هذا الانقلاب، و هجرت بريطانيا و تعلقت بأهداب أميركا، بينما كان على العرب، حلفاء بريطانيا، أن يعيدوا ترتيب أوراقهم، بما ينسجم مع الوضع الجديد، الذي كان للصهيونية فيه موقع متقدم عليهم.

نام کتاب : الموجز فى تاريخ فلسطين السياسى نویسنده : شوفاني، الياس    جلد : 1  صفحه : 491
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست