نام کتاب : الموجز فى تاريخ فلسطين السياسى نویسنده : شوفاني، الياس جلد : 1 صفحه : 46
إن معلوماتنا عن السومريين لا تعرفنا
بأصلهم. و لغتهم، بالقدر المعروف عنها، لا تمت بصلة إلى أية لغة أخرى معروفة. و
يستشف من أساطيرهم أنهم جاؤوا العراق من الخليج العربي (دلمون- البحرين). و حتى
الاسم سومر، الذي أطلق عليهم هو ترجمة أكادية (سامية- شرقية) للكلمة السومرية ساج-
جيجا(Sag -giga) ، و التي تعني سود الرؤوس. و لعلهم وصلوا إلى العراق و هم يعرفون
زراعة الريّ، مع أن ديانتهم، و كذلك تعبيراتهم الفنية، تركز على عالم الحيوان،
الأمر الذي يشير إلى أصول كانت تعمل بالرعي. و لكن الحضارة السومرية، كما تتكشف من
خلال الحفريات، هي حضارة مدن لا لبس فيها.
و يتضح من دراسة الوثائق المكتشفة أنه منذ بداية التاريخ المسجل،
عاشت في بلاد الرافدين شعوب متعددة و مختلطة. و لا شك أن ابتكار زراعة الريّ شكل
عامل جذب إلى هذه الرقعة من الأرض، فجاءها المستوطنون من جهات متعددة للإفادة من
خيراتها. و الوثائق الأولى المعروفة، المكتوبة بلغة سومرية، و التي جاءت من مدن
متطورة في أقصى الجنوب، تظهر أن السومريين كانوا يعيشون جنبا إلى جنب مع شعوب أخرى
سامية- أبرزها الأكّاديون. و إذا كان السومريون هم الأكثرية في الجنوب، فإن نسبتهم
تقل كلما توجهنا شمالا، لتصبح الأكثرية هناك من الساميين.
و على الرغم من الاختلاط الواسع، و صعوبة التمييز بين عناصر هذه
الحضارة، فقد جرت العادة على تسميتها الحضارة السومرية.
و التطور اللاحق لقيام مدن- الدولة السومرية في جنوب العراق، تميّز
بعدم الاستقرار السياسي، و أساسا بسبب تضاريس المنطقة الجغرافية. فهي تتميز بغياب
الحواجز الطبيعية، أكان ذلك في وجه الغزاة من الخارج أم كعقبات في طريق الحملات
العسكرية المنطلقة من الداخل. و بتفاعل جدلي متدرج، تحولت مدن- الدولة إلى دولة-
المدن، و بمسار حتمي تقريبا نحو الدولة المركزية، و منها إلى الإمبراطورية.
فلأسباب دفاعية، صدّ الغزاة قبل دخولهم تخوم الدولة، أو لأخرى هجومية، بحافز
التوسع و السيطرة على الموارد و الهيمنة على السكان، توجهت أنظار الدولة المركزية
إلى الخارج. و بوجود سلطة مركزية، ملكية استبدادية وراثية، تستند في قوتها إلى آلة
عسكرية نظامية، أصبح قرار التوسع أكثر يسرا.
و في المسار نحو تشكل الإمبراطوريات، و بالتالي التوجه نحو التوسع و
الهيمنة عبر الحملات العسكرية، سبق وادي الرافدين قرينه وادي النيل، علما بأن
الوادي نفسه أدّى دورا مركزيا في وحدة كل منهما، بغض النظر عن الأسباب و الحوافز و
الأساليب التي أدّت إلى تلك الوحدة. فالصراع بشأن الموارد في جنوب العراق، فرض
على
نام کتاب : الموجز فى تاريخ فلسطين السياسى نویسنده : شوفاني، الياس جلد : 1 صفحه : 46