و اندلع الخلاف بين فرنسا و بريطانيا، الأولى تتشبث باتفاقية سايكس-
بيكو، و الثانية تريد أن تتنصل منها. أمّا الولايات المتحدة، فلم تكن المسألة
تهمها كثيرا ما دامت تضمن المصلحة الصهيونية في وعد بلفور، و الانتداب على فلسطين،
الذي يجسده. و دعا ولسون إلى إرسال لجنة تقصي حقائق إلى المنطقة، و خصوصا إلى
سورية، الأمر الذي طرحه بقوة رئيس الجامعة الأميركية في بيروت، الدكتور هوارد بلس.
و وافقت عليه بريطانيا و فرنسا، إلّا إنهما تملصتا من المشاركة في اللجنة، إذ من
الواضح أنهما لا تنويان أخذ توصياتها في الاعتبار. و جاءت توصيات لجنة كنغ- كرين
متعارضة جذريا مع أهداف فرنسا، و جزئيا مع أهداف بريطانيا و المنظمة الصهيونية. و
لعل هذا ما دعا الرئيس ولسون إلى صرف النظر عن اللجنة و توصياتها. و على كل حال،
فقبل أن تنهي اللجنة عملها و تعود، كان المؤتمرون قد أقرّوا معاهدة فرساي (28
حزيران/ يونيو 1919 م)، و ميثاق عصبة الأمم، الذي تضمن في بنده الثاني و العشرين
مبدأ وضع مناطق و شعوب تحت انتداب الدول الكبرى، بذريعة إعدادها للاستقلال. و وقع
فيصل على المعاهدة، لكن الشريف حسين رفضها، لأنها لم تتضمن التزاما بمنح العرب
استقلالهم.
و في سان ريمو، و بعد مفاوضات طويلة، حصلت بريطانيا على ما تريد.
و تراجعت فرنسا عن المطالبة بتنفيذ اتفاقية سايكس- بيكو، و لكن
لمصلحة اتفاقية أخرى، أكثر سوءا بالنسبة إلى الوطن العربي. فقد تنازلت فرنسا عن
منطقة الموصل في العراق لبريطانيا، و وافقت على انتداب بريطاني على فلسطين و شرق
الأردن و العراق، و على أن يتضمن صك الانتداب على فلسطين وعد بلفور. و في مقابل
ذلك، وافقت بريطانيا على منح فرنسا الانتداب على سورية و لبنان. و أقرّ مؤتمر سان
ريمو في 24 نيسان/ أبريل 1920 م انتداب بريطانيا على العراق و فلسطين (على أساس
وعد بلفور)، و انتداب فرنسا على سورية و لبنان. و بذلك اختفت مناطق النفوذ في
اتفاقية سايكس- بيكو (أ وب)، و حل محلها انتداب مباشر. و ترك المؤتمر لفرنسا و
بريطانيا تحديد الحدود بين انتدابيهما. و تضمنت معاهدة سيفر (10 آب/ أغسطس 1920 م)
بنودا تؤكد الانتداب، و كذلك معاهدة لوزان في 28 أيلول/ سبتمبر 1923 م،
[1]« القضية الفلسطينية و الخطر الصهيوني»، مصدر
سبق ذكره، ص 76.
نام کتاب : الموجز فى تاريخ فلسطين السياسى نویسنده : شوفاني، الياس جلد : 1 صفحه : 367