نام کتاب : الموجز فى تاريخ فلسطين السياسى نویسنده : شوفاني، الياس جلد : 1 صفحه : 341
العسلي. لكن يوسف سرسق، مالك الأرض، استطاع
بالرشاوى إبعاد العسلي من فلسطين، و نقله من موقعه، ليتسنى له تنفيذ الصفقة
الكبيرة. و هكذا فعل آخرون من الملاكين الغائبين، الذي وضعوا أيديهم على الأرض في
فترة التنظيمات بأساليب متعددة من الاحتيال على الفلاحين، و التآمر مع الموظفين
الأتراك الفاسدين.
ثالثا: وعد بلفور
لم يجد المؤرخ الكبير أرنولد توينبي مناصا من إدانة بلاده على تقديم
«وعد بلفور» للحركة الصهيونية، معلنا أنه كإنكليزي يشعر بالخجل و الندم الشديدين
على ازدواجية المعايير الأخلاقية التي حكمت سلوك حكومة بلاده في الإقدام على هذه
الفعلة المنكرة.[1] فقد قام
وزير خارجية إنكلترا في أثناء الحرب العالمية الأولى اللورد آرثر جيمس بلفور،
بتقديم الوعد الذي حمل اسمه، نيابة عن حكومته، و الذي تتعهد به العمل على إقامة
«وطن قومي» لليهود في فلسطين. و ذلك في رسالة وجهها إلى اللورد اليهودي الصهيوني
ليونيل روتشيلد، في 2 تشرين الثاني/ نوفمبر 1917 م، طالبا منه إبلاغ مضمونها إلى
قيادة الحركة الصهيونية. و قد جاء هذا الوعد البريطاني تتويجا لمرحلة طويلة من
العمل الصهيوني للحصول على البراءة الدولية للاستيطان في فلسطين، كما كان فاتحة
عهد جديد من الصراع بشأنها، بين دعاة هذا الاستيطان و أعوانه، و بين الشعب
الفلسطيني و الأمة العربية و أصدقائهما، لا يزال مستمرا، في صيغة أو في أخرى حتى
يومنا هذا (1996 م).
لكن وعد بلفور لم يكن الخديعة المزدوجة الوحيدة التي قامت بها
بريطانيا بالنسبة إلى فلسطين و الأمة العربية، قبل الحرب العالمية الأولى، و في
أثنائها و بعدها.
فقد عمدت حكومتها إلى الخداع في محادثات مكماهون- الشريف حسين، و
كذلك في اتفاق سايكس- بيكو، و إلى المناورة في مؤتمرات السلام التي انعقدت بعد
الحرب. و مهما كانت الحجج و الذرائع التي ساقتها بريطانيا، فالحقيقة الساطعة تبقى
أن الاستيطان الصهيوني ثبّت أقدامه في فلسطين تحت انتدابها، و في حماية جيوشها.
و على أية حال، فقد سبق بلفور بالدعوة إلى توطين اليهود في فلسطين
وزيران بريطانيان آخران، شافتسبري و بالمرستون، منذ أيام حملة محمد علي. و في
الفترة نفسها، قام رئيس بلدية لندن، اللورد اليهودي مونتفيوري، بزيارة لفلسطين،
عرج خلالها على مصر، و طرح على محمد علي «استئجار الجليل»، لإقامة استيطان