نام کتاب : الموجز فى تاريخ فلسطين السياسى نویسنده : شوفاني، الياس جلد : 1 صفحه : 223
و إذ لم يسد الوئام بين أطراف البيت
الأيوبي، و كثيرا ما تخاصموا و اقتتلوا، و حتى تحالف بعضهم مع الفرنجة ضد بعض، فقد
ظلت «رابطة الدم» بينهم هي الأقوى على العموم. و لذلك نجدهم يتخاصمون و يتقاتلون،
ثم لا يلبثون أن يتصالحوا وفق ترتيب جديد، من إعادة تقسيم التركة. و على العموم،
ظلت فلسطين في قلب صراعات بني أيوب- خارجيا و داخليا.
و بعد النصر في حطين، استرد صلاح الدين فلسطين معظمها، و رحل عنها
الفرنجة، و تجمعوا في الساحل. و عمد صلاح الدين إلى إعمار المناطق التي وقعت في
يده، فأحياها. و فضلا عن الفلاحين الذين عادوا ليزرعوا الأرض في الريف، جاء العمال
و الحرفيون و التجار و الأئمة و الأساتذة. و بدلا من الإقطاع الفرنجي نصّب صلاح
الدين بعض قادة جنده أولياء للأمور، و نزل معهم عسكرهم و عيالهم. و جاءت قبائل
عربية موالية له و استقرت في الريف، و تحولت إلى الزراعة. و برز ذلك في منطقة
القدس، التي أولاها صلاح الدين اهتمامه. و كان يعلم أن الفرنجة لم يتخلوا عن فكرة
استعادتها. و في أثناء وجودهم فيها، أقاموا علاقات مع القبائل في محيطها.
فاستبدلهم صلاح الدين بقبائل أخرى، و أسكنها القدس و محيطها. و من
هذه القبائل التي قاتلت معه و نزلت القدس- بنو الحارث و بنو مرّة و بنو سعد و بنو
زيد و الجرامنة.
و شهدت فلسطين في أيام الأيوبيين التابعين ازدهارا عاما، في الزراعة
كما في التجارة و الصناعة. فالمعاهدات التي عقدت بين الطرفين أتاحت قيام علاقات
تجارية واسعة النطاق. و مع أن جزءا من تجارة فلسطين أيام الفرنجة قد تحوّل إلى
مصر، فإن نشاط موانىء الساحل السوري لم يتوقف. و كانت أساطيل المدن التجارية
الأوروبية تتنقل بحرية بين الساحلين- السوري و المصري- من جهة، و السواحل
الأوروبية، من جهة أخرى. و حتى في زمن الحرب لم تتوقف تلك الحركة لاهتمام الجانبين
بهذه التجارة المربحة بين الشرق الأقصى و الغرب، و التي أدّى البحر الأبيض المتوسط
دورا مركزيا فيها، و كانت الموانىء على ساحله الشرقي مراكز أساسية للتبادل فيها.
و كذلك، فقد اهتم الأيوبيون، أو بعضهم على الأقل (العادل و الكامل
مثلا) بالعمارة و بناء الطرق و الجسور و قنوات المياه و غيرها، الأمر الذي شجع على
تطوير الزراعة و الصناعة و التجارة و العمالة. كما أولى الأيوبيون الأمن على
الطريق عنايتهم الخاصة، و كبحوا قبائل البدو عن تهديدها، كما وطنوا عددا كبيرا
منها، فاشتغل أفرادها بالزراعة و التجارة.
و أولى الأيوبيون عناية خاصة لإعادة الطابع الإسلامي إلى القدس، بعد
التغييرات التي طرأت عليها أيام الفرنجة. فصلاح الدين بداية، و حالما دخلها،
نام کتاب : الموجز فى تاريخ فلسطين السياسى نویسنده : شوفاني، الياس جلد : 1 صفحه : 223