responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الموجز فى تاريخ فلسطين السياسى نویسنده : شوفاني، الياس    جلد : 1  صفحه : 192

الكنيسة إلى الأمام. و لذلك رأى في الحملات الصليبية سبيلا إلى ذلك، فكانت استجابته لطلب المساعدة من إمبراطور بيزنطة أقوى من توقعات هذا الأخير أو رغباته.

و في الجانب الدنيوي- السياسي و الاقتصادي و الاجتماعي- تقاطعت مصالح شرائح طبقية متعددة للنظر بإيجابية عالية إلى فكرة الحملات الصليبية. و مع أن هذه الشرائح كانت شريكة بالعاطفة الدينية، إلّا إن الحوافز الأخرى كانت قوية أيضا، و أحيانا طاغية. فبالنسبة إلى الطبقات العليا- الملوك و البارونات و النبلاء و الفرسان- كانت الحملات الصليبية فرصة مواتية لتلبية النزعات القتالية و ميول المغامرة و حب الثروة و الغنائم و الطمع في تأسيس إقطاعيات جديدة، إضافة إلى الاسم و الجاه و السمعة ... إلخ. أمّا في الطبقات الدنيا، التي اجتاحتها الغرائز الدينية، فقد ساد الاعتقاد أن الحملات الصليبية هي مناسبة لتغيير أوضاعها الاجتماعية: التخلص من القنانة و تأجيل دفع الديون أو الإعفاء منها و الحصول على ملكية جديدة و التحرر من الظلم الإقطاعي .. إلخ. و بالنسبة إلى هؤلاء لم يكن هناك ما يخسرونه في المغامرة و الانضمام إلى حملة صليبية تحملهم إلى الشرق الذي تصوروه مصدرا للثراء، و اعتقدوا أن أرضه الخصبة «تدر اللبن و العسل».

خلاصة القول إن أوروبا القرن الحادي عشر كانت مهيّأة- ماديا و معنويا- لقبول فكرة الحروب الصليبية و الانطلاق لتجسيدها. فالأوضاع الاجتماعية الصعبة- الفقر و ضيق رقعة الأراضي الزراعية و ازدياد عدد السكان و تواتر الكوارث الطبيعية و الأوبئة- و النزعات التوسعية و الطمع في ثروات الشرق و طموح الأمراء و النبلاء الصغار في تأسيس إقطاعيات خاصة بهم و روح المغامرة لدى الفرسان، كانت كلها عوامل فاعلة في تشكّل ظاهرة الحملات الصليبية، فكرا و ممارسة. و أعطت حركة الإحياء الديني حلا للمشكلات يتمثل بالتوبة و الزهد و التصوف، و المهم التكفير عن الخطايا بالعمل في سبيل الدين، و استعادة السيطرة على الأمكنة المقدسة- كنيسة المهد و القيامة و الصعود- المتعلقة بحياة «المسيح المخلص». و من هنا التجاوب الواسع مع حرب دامية تحت شعار «هذه إرادة اللّه» و خلف لواء «الصليب المقدس» و بقيادة «الكرسي الرسولي». و جاء تهديد السلاجقة إلى القسطنطينية ليفجر هذه النزعات الكامنة، و يحوّلها إلى حملات عسكرية تغزو الشرق الإسلامي.

في المقابل، و خلال ما يزيد عن أربعة قرون، ظل المسيحيون في أراضي الخلافة يمارسون حياتهم و شعائرهم الدينية بحرية، ما عدا فترات قصيرة، كانت بمثابة الشاذ و ليس القاعدة. و قد احتفظ هؤلاء بأمكنتهم المقدسة، و لم تتدخل السلطة كثيرا في شؤونها و إدارتها. و الأمر بهدم كنيسة القيامة (1009 م) من قبل الحاكم بأمر اللّه،

نام کتاب : الموجز فى تاريخ فلسطين السياسى نویسنده : شوفاني، الياس    جلد : 1  صفحه : 192
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست