نام کتاب : الموجز فى تاريخ فلسطين السياسى نویسنده : شوفاني، الياس جلد : 1 صفحه : 112
في مقدونيا، الأكثر تخلفا و انغلاقا في
اليونان، لكنه تتلمذ على أيدي الفيلسوف الكبير، أرسطو، فشب مولعا بالحضارة
اليونانية و تقاليدها و أعرافها. و كان مقتنعا بأن النمط الإغريقي (اليوناني) هو قمة
التفوق البشري، و رأى رسالته العالمية في نشر هذا النمط الفكري- الاجتماعي، من
خلال إمبراطورية كونية- أي الهلينة.
و كان الإسكندر في العشرين من العمر عندما اغتيل والده، فيليب، سنة
336 ق. م. و كان فيليب قد خطط مستقبل ابنه و وارثه قبل موته، كما كان قد قطع شوطا
كبيرا في الإعداد للمعركة الحاسمة مع العدو القديم- فارس. و بعد فترة قصيرة من
توضيب أوضاعه الداخلية، و ضمان أمن حدوده الشمالية، بادر الإسكندر إلى حملته
الأسطورية على الشرق القديم. و كانت فارس إمبراطورية مترامية الأطراف، غنية
الموارد، و تمتلك جيشا كبيرا، كما في حيازتها أسطول بحري عظيم، بني و أدير
بالتعاون مع الفينيقيين. و تضافرت للإسكندر عوامل ذاتية و موضوعية، جعلت منه
أسطورة في التاريخ. فهناك الميّزات و المواهب الشخصية، و الجيش المنظم ذو الروح
القتالية العالية، و وضوح الهدف و الثقة بالنفس، في مقابل حالة معاكسة تماما في
الجانب الآخر. و خلال أربع سنوات (334- 330 ق. م.)، قضى الإسكندر على إمبراطورية
الفرس، و صنع الأسطورة.
فبعد معركة غرانيكوس (334 ق. م.)، سيطر الإسكندر على مدن آسيا الصغرى
الساحلية. و في النصر الذي حققه في معركة إيسوس (333 ق. م.) فتحت أمامه بلاد الشام،
فأوكل احتلال دمشق إلى قائد جيشه، بارمينون. و باحتلاله الساحل الفينيقي، فصل
الأسطول الفارسي عن قواعده، فعطله. و قاومت صور، فحاصرها و أخضعها و دمرها. و كذلك
فعلت الحامية الفارسية في غزة، فكان مصيرها مصير صور. و في سنة 331 ق. م.، سحق
الجيش الفارسي، بقيادة داريوس الثالث، في أربيل (شمال العراق)، و راح يطارد فلول
الشاهنشاه. و بينما هو يضيق الخناق على داريوس، اغتال هذا الأخير أتباعه، و ورث
الإسكندر ملكه و أرضه، ثمّ أوغل شرقا إلى نهر السند، حيث بدأ جنوده يتذمرون، فعاد
عن طريق جنوب فارس إلى العراق، حيث سقط مريضا و مات (323 ق. م.).
و منذ بداية حملته، أعطى الإسكندر المدن اليونانية في آسيا الصغرى
حكما ذاتيا. و في مسار الحملة تصرف و كأنه على رأس دولة مقدونية- يونانية متنقلة،
بكل طقوسها و تقاليدها. و أقام الكثير من المدن اليونانية، بسكانها و مؤسساتها،
كما جعل بعضها حاميات حدودية، و خصوصا في الجزء الشرقي من الأراضي التي فتحها.
و تبرز بين هذه المدن الإسكندرية بازدهارها و عظمتها. لكن الإسكندر
بعد مقتل
نام کتاب : الموجز فى تاريخ فلسطين السياسى نویسنده : شوفاني، الياس جلد : 1 صفحه : 112