نام کتاب : الموجز فى تاريخ فلسطين السياسى نویسنده : شوفاني، الياس جلد : 1 صفحه : 106
و وسعوا سلطانهم على إيران كلها. و بذلك
أقاموا دولة مترامية الأطراف، لكنها سيئة التنظيم و الإدارة. و خلال فترة قصيرة،
برزت قبيلة مغمورة- فارس- بقيادة أميرها كورش، الذي عمل في خدمة الميديين ثم انتزع
السلطة منهم (550- 529 ق. م.)، و واصل التوسع غربا. و عندما تغلب على ليديا، و
أعلن نفسه وارثا لملكها، و جعلها ولاية فارسية حدودية، فقد وضع مقدمات الصراع مع
اليونان، ذلك الصراع الذي كان من شأنه أن ينهي بعد 200 عام إمبراطورية فارس
(الأخيمينية).
لكن المستفيد الأول، و لو موقتا، من سقوط أشور، كان الكلدانيون. و هم
شعب سامي، أقام في جنوب العراق تحت حكم أشور. و لما ضعفت هذه اعتبروا أنفسهم ورثة
الحضارات القديمة في بلاد الرافدين، بديلا طبيعيا من أشور. و إزاء الصراعات
الداخلية فيها، قاد الكلدانيون الثورة عليها، و أسقطوا السلالة الحاكمة فيها، و
نقلوا العاصمة إلى بابل القديمة، كتعبير عن ارتباطهم بماضي العراق. و سارع نبوخذ
نصّر الثاني (605- 562 ق. م.) و كرّس سلطته على بلاد الشام، مشكلا بذلك إمبراطورية
موحدة سياسيا و حضاريا و عرقيا. و على العكس من ملوك أشور، الذين اكتفوا من ملوك
يهودا بالجزية، فإن نبوخذ نصّر قضى عليها، و خرّب عاصمتها، و هدم هيكلها، و سبى
أعدادا كبيرة من الطبقة الحاكمة فيها إلى بابل، قاطعا الطريق على أية أحلام قد
تراود سكانها بإعادة بناء مملكة داود.
و مع أن إمبراطورية نبوخذ نصّر لم تعمّر طويلا، فإنها كانت فترة
انبعاث حضاري لامعة في تاريخ العراق. و الملك العظيم لم ير نفسه فاتحا كبيرا فحسب،
بل مجددا دينيا و حضاريا أيضا. و يبرز ذلك من خلال إعادة بناء بابل كعاصمة له، بما
ضمته من أسوار ضخمة و قصور و معابد جميلة و حدائق أسطورية معلّقة و نحوت و رسوم
فاتنة، جعلتها إحدى أكثر مدن العالم القديم فخامة. لكن هذه الإمبراطورية وهنت بعد
موته، و دبّ فيها الصراع الداخلي، و خصوصا بين خلفائه الضعفاء و طبقة الكهنة التي
لم تنظر بعين الرضى إلى سياستهم الاجتماعية- الدينية. و انتهز كورش حالة التململ
الداخلي، و بمساعدة الجالية اليهودية في بابل، احتل المدينة من دون صعوبة تذكر،
سنة 539 ق. م. معلنا نفسه وارثا لملكها، كما فعل في ليديا من قبلها.
و بعد توحيد فارس و ميديا، و التغلب على ليديا و بابل، و ميراث
أراضيهما، أصبحت الإمبراطورية الفارسية الوارثة الحقيقية لأشور، و عمّرت في الفترة
(550- 330 ق. م.)، و بفعل ملوكها الأوائل- كورش (550- 529 ق. م.) و قمبيز (529-
522 ق. م.) و داريوس (521- 486 ق. م.)- امتدت الإمبراطورية من بحر إيجة في الغرب
إلى حدود الهند في الشرق، و من جنوب مصر إلى البحر الأسود و جبال القفقاز
نام کتاب : الموجز فى تاريخ فلسطين السياسى نویسنده : شوفاني، الياس جلد : 1 صفحه : 106