لقمع الظالم و إدالة المظلوم[1]. و رتّب كلّ شيء من التدبير في
وقت معلوم. ثم أحسن النظر في أمور رعاياها و أجناده. و رمى بسهام الآراء الصائبة
لما بعد من أطراف بلاده.
فلم يلبث أن توطدت له الأمور و استقرت. و جرت أحوال دولته على قوانين
الصلاح و استمرت. فانتشر في الآفاق أنّ الملك قد باشر سياسة ملكه بنفسه. و صمد في
يومه لتلافي فارط أمره.
و تبتل[2] لتفقد
المصالح في ليله و نهاره. و ألهاه الاشتغال بذلك عمّا كان يشغله من لذته و أوطاره[3]. و أنه قد أخذ في تسريب العساكر
إلى الأقطار الشاسعة، و تجهيز الجيوش إلى الآفاق البعيدة بالقوة المانعة و الآلة
الجامعة. فخنس[4] كلّ من
الأعداء في كناسه[5]. و أعدّ
بعدالة غزوه آلة احتراسه. و قنع من الغنيمة بحفظه لرأسه.
[وصايا الجارية]
قال الملك: لقد أحسنت هذه الجارية في إيقاظ الملك من غفلته. و تنبيهه
على مصالح دولته. فزيديني من هذه الوصايا المتفقة.
و القضايا التي هي إلى الصواب مرشدة و به معرّفة.
قالت: نعم- أعزّ اللّه الملك-: و أما إيداعه القلوب الرهبة من غير
ضغينة[6]، فبإقامة
الحدود في العقوبات على حدّها. و إسقاط