تولى كسرى أنوشروان عرش الساسانيين، أعاد
النشاط إلى مركز جنديسابور الحضاري، كذلك أسّس كسرى معهدا للنسطوريين.
و يروى أنه كان لكسرى شغف كبير بالثقافة العقلية ممّا أدّى إلى ظهور
نهضة علمية و أدبية شاملة كانت تعتمد على النقل (الترجمة) حيث نقلت عيون التراث
الإنساني العالمي إلى اللغة الفارسية. فترجم إليها من الهندية عدة آثار أدبية جاء
بها و فد أرسله الملك لطلب كتب في الطب و الأدب. و في الوقت نفسه ترجمت طائفة من
الكتب اليونانية في المنطق و الحكمة و سواهما، خاصة بعد التجاء عدد من العلماء
اليونانيين إلى بلاط كسرى، فاستقبلهم إمبراطور فارس استقبالا جيدا، و ظلّ هؤلاء
يعملون و يؤلّفون في الآداب و الفلسفة و العلوم و يدرّسون في المركز الطبي.
لقد بقي هذا الإرث الحضاري المكتوب باللغة الفارسية القديمة في عصر
ما بعد الإسلام، و هو الذي نقل إلى" بيت الحكمة" و سواها في العصر
العباسي. و بهذا التراث المعتّق، دخل الفرس الإسلام لتبدأ صفحة جديدة من العلاقة
بين الأمتين[1].
[1] (*) ثمة كتب كثيرة ألّفها مستشرقون و مستعربون-
إضافة إلى عدد غير قليل من الباحثين العرب- تتناول التاريخ القديم لبلاد فارس و
آدابها و حضارتها سيرد ذكر العديد منها لاحقا، و نكتفي هنا بأهمّ هذه المراجع، في
تقديرنا، على الإطلاق و هو كتاب المستشرق الشهير إدوارد براون:
- تاريخ الأدب في إيران، ترجمة و
تعليق الدكتور أحمد كمال الدين حلمي، أستاذ اللغة الفارسية و آدابها بجامعة
الكويت.
- الجزء الأول: 471 ص، منشورات
جامعة الكويت، الكويت، 1994 م.
- الجزء الثاني: 538 ص، منشورات
جامعة الكويت، الكويت، 1996 م.