الخامس : تقييد الحكم بغاية مثل : «صوموا إلى اللّيل» يمنع ظاهرها من ثبوت الحكم بعدها ، لأنّ معناه : «صوموا صوما غايته وآخره اللّيل».
ولو قال ذلك ، لمنع من وجوب الصّوم بعد اللّيل ، إذ لو وجب أن يصوم بعد ذلك ، خرج الليل من أن يكون طرفا ، وصار وسطا للصّوم.
ويمكن أن يدلّ دليل على خلاف ظاهر الغاية ، فيوجب صيام قطعة من اللّيل ، فيدلّ حينئذ على أنّه سمّي اللّيل طرفا للصوم مجازا.
وقاضي القضاة قال : الغاية تدلّ على أنّ ما بعدها بخلافها ، لأنّ فائدة ضرب الغاية ، زوال الحكم بعدها [١].
وهذا مساو لمن قال : إنّ التقييد بالوصف يدلّ على نفيه عمّا عداه.
المبحث العاشر : في أنّ الامر هل يدخل تحت الأمر؟
فصّل أبو الحسين [٢] هنا جيّدا فقال : هذا الباب يتضمّن مسائل :
الأولى : هل يمكن أن يقول الإنسان لنفسه : «افعل» مع أنّه يريد ذلك الفعل؟ ولا شكّ في إمكانه.
الثانية : هل يسمّى ذلك أمرا؟
الحقّ عدمه ، لاعتبار الاستعلاء في الأمر ، وإنّما يتحقّق بين اثنين ، ومن
[١] نقله عنه في المعتمد : ١ / ١٤٥.
[٢] أبو الحسين محمّد بن علي بن الطيّب البصري المعتزلي المتوفّى سنة ٤٣٦ ه ، صاحب كتاب المعتمد في أصول الفقه.