الجو الصالح لتطبيق الاطروحة الاسلامية:

والآن فلنلاحظ العوامل التي تطلبت هذا الموقف الحدي من أمير المؤمنين عليه السلام وأول هذه العوامل ما يمكن أن نطلق عليه اسم الجو الصالح لتطبيق الاطروحة الإسلامية، ويتوضح بملاحظة النقاط التالية:

1- المهمة الكبرى‌:

لو رجعنا إلى‌ ما سبق من حلقات حول الرسالة الإسلامية والدور الذي أعد للامام أمير المؤمنين كي يقوم به خير قيام من جهة، ورجعنا إلى‌ الأحداث العامة التي رافقت طلب الأمة إليه أن يقبل السلطة، ودققنا في الأدوار الاجتماعية التي أصيب بها المجتمع المسلم آنذاك في مختلف نواحيه، سواء في ذلك الجانب السياسي والجانب الحقوقي والمالي، أو الجوانب التربوية والعقائدية، لو قمنا بكل ذلك لأدركنا بوضوح الحاجة التاريخية الكبرى‌ لأن يقوم الامام عليه السلام بانزال اطروحة نابضة مفصلة، واقعية تعمل على‌ إعادة الإسلام بكل صفائه وتنقية ما علق في الأذهان من انحرافات في مفاهيمه وإعطاء الصيغة التي ارادها الاسلام لتلك المرحلة بمقتضى‌ مرونته، وواقعيته فقد رأى‌ عليه السلام «ان المجتمع الإسلامي قد تردى في هوة من الفوارق الاجتماعية والاقتصادية التي زادت عمقاً وحدة بسبب السياسة غير الحكيمة التي اتبعها ولاة عثمان مدة خلافته ورأى‌ أن التوجيهات الدينية العظيمة التي عمل النبي صلى الله عليه و آله و سلم طيلة حياته على‌ ارساء أصولها في المجتمع‌