روى
الطبري عن أبي مخنف، قال: لما خرج سليمان بن صرد إلى الجزيرة (جزيرة ابن عمر-
الموصل) شعر عمر بن سعد وأصحابه بالشرّ من المختار بعد سليمان، واجتمع إليه لذلك
شبث بن ربعي التميمي ويزيد بن الحارث بن رويم الشيباني واتّفقوا على أن يأتوا
الخطمي الأمير الزّبيري على الكوفة فيشيروا عليه بذلك. فأتوا إليه وقالوا له: إنّ
سليمان بن صرد إنّما خرج يقاتل عدوّكم ويذلّلهم لكم وقد خرج عن بلادكم، وإنّ
المختار أشدّ عليكم من سليمان، فهو إنّما يريد أن يثب عليكم في مصركم! فسَيّروا
إليه وخلّدوه في السجن حتّى يستقيم أمر الناس.
وقَبِل
الأميران الزبيريّان: عبد اللّه بن يزيد الخطمي وإبراهيم بن محمّد بن طلحة التيمي
مشورة ابن سعد وأصحابه، ولكنّهم لم يروا إرسال الشُّرَط عليه، بل خرجوا إليه في
جمع من الناس حتّى أحاطوا بداره وطلبوه، فلمّا خرج إليهم قال له إبراهيم التيمي:
يا ابن عبيد! ما أنت وما يبلغنا عنك؟! قال: أعوذ باللّه من غشّ كغشّ أبيك! ما الذي
بلغك عني إلا باطل! فالتفت التيميّ إلى الخطمي وقال له:
شدّه
كتافاً ومشّه حافيا! فقال الخطميّ: سبحان اللّه! ما كنت لأفعل هذا برجل لم يظهر
لنا حرباً ولا عداوة، وإنّما أخذناه على الظنّ، فما كنت لأحفّيه ولا لأمشّيه! فأتي
ببغلة دهماء ليركبها، فقال إبراهيم لعبد اللّه الخطمي: ألا تشدّ عليه القيود؟