نام کتاب : دعوة الى الإصلاح الديني و الثقافي نویسنده : الجواهري، الشيخ حسن جلد : 1 صفحه : 350
وهذا الرأي
هو رأي كثير من المستشرقين وتلاميذهم، يقول محمد أبو زهرة: «وبعض العلماء منهم
(دوزي) المستشرق، قرر أنَّ أصل المذهب الشيعي نزعة فارسية، إذ أنَّ العرب تدين
بالحرية، والفرس تدين بالملك والوراثة ... ولا يعرفون معنى الانتخاب .. إلى أن
قال: إنّ الشيعة قد تأثروا بالأفكار الفارسية حول الملك ووراثته»[1].
وقد
ذكر هذه التهمة ابن حزم في بعض استطراداته، والمقريزي (في القرن التاسع) ذكرها
كتهمة مفصّلة[2]. أما من
تقدم عليهما من أعداء الشيعة، فلا نجد في كتبهم هذه التهمة، كابن عبد ربّه
الأندلسي في (العقد الفريد)[3]، وكذا لو
راجعت ما كتبه الشهرستاني في ملله ونحله، فسوف لا تجد ضد الشيعة تهمة الفارسية،
وكذلك ابن حزم الأندلسي- العدو اللدود للشيعة- لم يذكر لهم هذه التهمة أصلًا[4].
أقول:
إنَّه تبين من هذه الأقوال المتقدمة أنَّ هذه النغمة متأخرة، حصلت في زمان ابن حزم
والمقريزي في القرن التاسع، وكل من جاء بعدهم أخذ يزيد ويتهجم من دون تحرج ولا ورع
من مسؤولية أو ضمير، لذا أرى، أنَّ هذه التهمة ضد التشيّع هي من التهريج الباطل،
فهي إن دلّت على شيء إنما تدل على رمي من يخالفك بما تراه قبيحاً من دون دليل.
ولعل سبب هذه التُهَم والإفتراءات هي الكراهة بين الامّتين- الفارسية والعربية-
وذلك عندما ساءت العلاقات بينهما بعد امتداد نفوذ الفرس في دولة الإسلام، فرمى
بعضٌ التشيّع بما هو مكروه في ذلك الوقت، كما رمي التشيّع في بعض الأحيان
(بالخوارج)
[1] - تاريخ المذاهب الإسلامية: 1/ 40، وأحمد امين في
فجر الإسلام يذهب لهذا الرأي معززاً رأيه بآراء المستشرقين/ 276!
[2] - دراسات في الفرق والعقائد الإسلامية/ 25/ عرفان
عبد الحميد/ طبع بغداد سنة 1977 م.