وليس هذا فيه‌[1].

وعنه أيضاً أنّ رسول اللَّه صلى الله عليه و آله قال والناس حوله:

لا أعرفن أحدكم يأتيه أمرٌ من أمري قد أمرت به أو نهيت عنه وهو متكئ على‌ أريكته فيقول ما وجدناه في كتاب اللَّه عملنا به وإلّا فلا[2].

وروى‌ الحاكم أيضاً عن مقدام بن معديكرب صاحب رسول اللَّه صلى الله عليه و آله يقول:

حرَّم النبيّ صلى الله عليه و آله أشياء يوم خيبر، منها الحمار الأهلي وغيره، فقال رسول‌اللَّه صلى الله عليه و آله:

يوشك أنْ يقعد الرجل منكم على‌ أريكته، يحدّث بحديثي فيقول بيني وبينكم كتاب اللَّه؛ فما وجدنا فيه حلالًا استحللناه، وما وجدنا فيه حراماً حرمناه، وإنّما حرّم رسول اللَّه صلى الله عليه و آله كما حرّم اللَّه‌[3].

نقول: ألا يكفي هذا التناقض في أمر كتابة الحديث الذي تلفظ به رسول‌اللَّه صلى الله عليه و آله أنْ نبحث في سند الروايات المَرويّة في ذلك الشأن على‌ الأقل لنرى‌ ما هو الصحيح منها من السقيم، ورُبّما نتساءل- إذا كانت الروايات الآمرة بالكتابة والمانعة لها صحيحة من ناحية السند- عن حل لهذا التعارض في هذه الروايات؟ وإذا عرضناها على‌ القرآن الكريم فهل ينهى‌ عن كتابة الحديث؟

وأخيراً فقد أعترف بعض أهل العلم فساد مسلك عدم كتابة الحديث؛ فقال الاستاذ السيد رشيد رضا: «نحن نجزم بأنّنا نسينا وأضعنا من حديث نَبِّينا حظاً عظيماً لعدم كتابة علماء الصحابة كل ما سمعوه»[4].

[1] - مستدرك الحاكم: 1/ 109.

[2] - المصدر السابق

[3] - المصدر السابق

[4] - تفسير القرآن الكريم/ للإمام محمد عبده والسيد رشيد رضا: 6/ 288.