وكما
قيد الإسلام قيمومة الرجل على المرأة، كذلك لم يترك حقّه في طلاقها بلا حدود
وقيود، بل قيده بقيود عديدة تذكّر بالمثل السائر: «الشيءُ كلّما كثر قيوده عزّ
وجوده» وللغاية نفسها، فلم يترك الطلاق لعبة تقع بمجرد التحدث به، أو بمجرد أن
يقول لها: أنت طالق، أو أن يقول لها في سورة غضب: «أنت عليّ، أو ظهرك علي كظهر
امي» فتحرم عليه، كما كان عليه أهل الجاهلية «ولم تكن المرأة في الجاهلية تتبادل
هذا الحق مع الرجل، كما أوهمه الواهم»[1]، فالاسلام
لم يكرّس في شرعه للرجل هذا الانطلاق الجاهلي، بل حرّمه وأوجب عليه كفارة الظهار
طريقاً من طرق تحرير رقاب الأرقّاء العبيد والإماء حسبةً للَّه تعالى.
هذه
نقطة، ونقطة اخرى هي أن المرأة هي الاخرى تملك حق الطلاق أيضاً في صيغة المخالعة،
ويستند هذا الحق فيما يستند إلى قضية زوجة ثابتبن قيس التي جاءت إلى رسول اللَّه
وقالت له: «يا رسول اللَّه، ثابت بن قيس ما أعتب عليه في دين ولا خلق، ولكني اكره
الكفر في الإسلام»، وكان ثابت دميماً وهي حسناء، فسألها النبي: «أتردّين عليه
حديقته؟ فقالت: نعم»، فدعاه رسول اللَّه وقال له: «اقبل الحديقة وطلِّقها تطليقة»،
ونصّ القرآن الكريم على ذلك فقال تعالى: (وَ لا يَحِلُّ لَكُمْ
أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئاً إِلَّا أَنْ