ذلك، بل
يكتفى بالإشارة إلى البهتان عليها، و تسرعهم بذلك قبل حديث عيسى عليه السّلام ... وَ قَوْلِهِمْ عَلى مَرْيَمَ بُهْتاناً
عَظِيماً[1]، و يؤكد ذلك ما تحدّث عنه القرآن الكريم، و يشير
إليه الواقع التاريخي الذي تحدّث عنه القرآن في وصف عيسى عليه السّلام: من أنّه
كان وجيها في الدنيا، الأمر الذى يؤكد فكرة عصمة الأنبياء فى جميع خصائصهم و
مواصفاتهم، و منها أن يكونوا على طهارة المولد في الواقع و الظاهر؛ ليتمكنوا من
أداء رسالتهم و مسئوليتهم بشكل طبيعي.
و
الأناجيل لا تشير من قريب و لا بعيد إلى هذه التهمة أو المواجهة مع بني إسرائيل، و
إنّما تكتفي بذكر قصّة يوسف النجار (عشيرها)، الأمر الذي يعطي تفسيرا للسكوت عنها
و عدم تهمتها. و بهذا نعرف كذب الرواية الإنجيلية عن قصّة يوسف النجار[2].
الرابعة:
وجود الارتباط بين قصّة زكريا و يحيى عليهما السّلام، بل و مريم عليها السّلام و
قصّة عيسى عليه السّلام في هذه المرحلة بالذات، و لذا جاءت قصتهما في القرآن
الكريم مقرونة بهذه المرحلة، و إن كان ذكرهما أوسع من ذلك، الأمر الذي يعني: أنّ
الهدف من قصّتهما هو: التمهيد لهذه المرحلة و توضيح الهدف منها.
[2] - قارن ما ذكرنا ما ورد في قصص الأنبياء للنجار:
513- 517، فإنّه حاول أن يكتفي بادعاء سكوت القرآن عن هذه القصّة، مع أنّ حديث
القرآن واضح في تكذيب هذه القصّة، أوّلا: بما ذكره من أنّ مريم كانت محررة للمسجد
بنذرها أمها، و إنّها كانت تتعبد فيه، و ثانيا: الاتهام الذي واجهها به قومها، و
كذلك شعورها بالحرج و الخوف من التهمة، مع أنّ قصّة يوسف لو صحت لكانت كافية فى أن
تدفع عنها التهمة.