لا ليتكفل امور دنياهم فحسب، وإنما ليقوم بامور الدنيا والدين معاً، أي أنها كانت بيعة مع من يستحق الإمامة بمفهومها الواسع كاستمرار للنبوة والرسالة بل ونتيجتها الطبيعية والمنطقية. ومع قلة عدد هؤلاء إلا أنهم وقفوا إلى جانب الإمام ودعوا الناس إليه ولعبوا دوراً مصيرياً في حروبه واستشهد معظمهم فيها[1].

تغيير الحقيقة:

هذه كانت حقيقة تاريخ الخلفاء الراشدين، فإذا مرّت الفترة الاولى منه هادئة فبسبب الانهماك بالأخطار الخارجية والتهديدات الداخلية (في المرحلة الاولى)، وبسبب الفقر والبساطة وانغلاق المجتمع، وإذا مضت الفترة التالية مضطربة متأزمة فبسبب الظروف التي نتجت عن غياب الخطر الخارجي والثراء المفاجئ. وقد كان انتخاب الخلفاء آنذاك حدثاً طبيعياً لدى عامة الناس دون أن يكون لهذا المنصب أية مزايا خاصة حتى في نظر الخلفاء أنفسهم.

فحينما يقول أبو بكر: «أقيلوني فلست بخيركم»، أو يقول: «إنّ لي شيطاناً يعتريني»، أو «وإن زِغت فقوّموني» لم يكن يقصد في قوله مزاحاً أو خفضاً

[1] - ينقل العلامة الأميني روايات مختلفة عن عدد الصحابة الذين كانوا مع عليٍّ( ع) في معركة صفّين، فاستناداً إلى رواية الحاكم في المستدرك فإن( 250) صحابياً بايعوا الرسول( ص) في بيعة الرضوان كانوا مع علي. وتقول رواية اخرى: إنّ عددهم بلغ( 800) صحابياً استشهد منهم( 360) صحابياً. وقيل: إنّ عدد البدريين الذين ساروا معه كانوا( 170 و 180 و 100) شخص، بينما ذكر الأميني أسماء( 145) من الصحابة، وكان معظمهم من أصحاب الإمام( ع) الأوفياء الذين يجلّونه بما يناسب وصايا الرسول( ص) به، وقد استشهد معظمهم في هذه المعركة، وكان الإمام( ع) يبكي في أواخر حياته على فقدانهم ويتمنى أن يلحق بهم عاجلًا. الغدير: 9/ 362368.

وراجع أيضاً: تسمية من شهد مع علي حروبه في مقالة التسميات في مجلة تراثنا: العدد 15/ 31.