عَمّا أخَذْتَ بِإعانتِكَ على ظلمِ الظَّلَمَةِ، إنّك أخَذْتَ ما لَيسَ لَكَ مِمَّنْ أعطاكَ وَدَنَوْتَ مِمَّنْ لم يَردَّ على أحَدٍ حَقّاً ولم تَرُدَّ باطِلًا حِينَ أدْناكَ وأحْبَبْتَ مَن حادَّ اللهَ، أوَ لَيسَ بِدُعائِه إيّاكَ حينَ دَعاكَ جَعلوُكَ قُطباً أداروُا بِكَ رَحى مَظالِمهِم وَجِسراً يَعْبُروُنَ عَلَيكَ إلى بَلاياهُم وسُلّماً إلى ضَلالَتِهِم، داعِياً إلى غَيِّهِم، سالِكاً سَبِيلَهُم، يُدخِلوُنَ بِكَ الشَّكَّ على العُلَماءِ، وَيَقْتادوُنَ بِكَ قلوبَ الجُهّالِ إلَيهِم، فَلَمْ يَبْلُغْ أخَصُّ وُزَرائِهِم ولا أقوى أعوانِهِم إلا دوُنَ ما بَلَغْتَ مِن إصلاحِ فَسادِهِم وَاختِلافِ الخاصَّة والعامّة إلَيهم، فما أقَلَّ ما أعْطَوْكَ في قَدْرِ ما أخَذُوا مِنْكَ، وما أيْسَرَ ما عَمَروُا لَكَ، فكَيفَ ما خَرَّبوا علَيكَ، فَانظُر لِنَفْسِكَ فإنّه لا يَنْظُر لَها غَيرُك وحاسِبْها حِسابَ رَجُلٍ مَسْؤول.
- ويستمرّ الإمام في نصحه وتسديده له، إلى أن يقول-: أمّا بعد
فَأعْرِضْ عَن كُلِّ ما أنْتَ فيهِ حتّى تَلْحَقَ بالصّالحينَ الّذينَ دُفنوا في أسمالِهِم[1] لاصِقَةً
[1] سَمَلَ الثوب سُمُولًا وسُمُولة: أخَلَق وبَلِيَ،( السَّمَلُ): ثوبٌ سمَل: خَلقٌ بالِ.