إنّ قسما من مسائل علم الكلام لا يختصّ
بباب دون باب، و يكون مأخذا لغيرها من المسائل و دليلا عليها، فهذا ما نسمّيه
«قاعدة كلامية» و ما لا يكون كذلك نسمّيه «مسألة كلامية» فمن القسم الأوّل: مسألة
التحسين و التقبيح العقليّين، و العدل و الحكمة، و اللّطف و الأصلح، و الفطرة
الدينية. فهي قواعد كلامية تبتنى عليها كثير من الأبحاث في كلام العدلية.
و وزان القواعد الكلاميّة و نسبتها إلى
مسائل الكلام، وزان القواعد الفقهية و نسبتها إلى مسائل الفقه، فقولهم: التراب أحد
الطهورين، و إنّه لا صلاة إلاّ بفاتحة الكتاب، و إنّ الرّكوع من أركان الصلاة و
نحو ذلك مسائل فقهية. و قولهم:
«لا ضرر و لا ضرار في الإسلام» و «رفع
عن أمّتي ما لا يعلمون» ، و «ما جعل في الدّين من حرج» ، و «إنّ الميسور لا يسقط
بالمعسور» و نحوها قواعد فقهية، فالقسم الأوّل يختصّ بباب معيّن، دون الثاني، و كذلك
الأمر في علم الكلام، فالبحث عن التوحيد و مراتبه مثلا مسألة كلامية، و لكن البحث
عن حكمته سبحانه قاعدة كلامية، تبتنى عليها مجموعة من المسائل.
و على هذا فينبغي إفراد البحث عن هذه
المسائل و إشباع الكلام فيها، نظير ما صنع الفقهاء فأفردوا القواعد الفقهية بالبحث
و ألّفوا فيها رسائل و كتبا قيّمة.