responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : شرح نهج البلاغه ابن ميثم نویسنده : البحراني، ابن ميثم    جلد : 1  صفحه : 195

«إِلاّٰ أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي» 1 إذا عرفت ذلك فاعلم أنّ متابعة إبليس يعود إلى انقياد النفس لجذب الوهم و القوى البدنيّة الّتي هي الشياطين عن الوجهة المقصودة و القبلة الحقيقيّة و هي عبادة الحقّ سبحانه و فتنتها لها بتزيين ما حرّم اللّه عليها فأمّا ما يقال:إنّ إبليس لم يكن له تمكّن من دخول الجنّة و إنّما توسّل بالحيّة و دخل في فمها إلى الجنّة حتّى تمكّن من الوسوسة لآدم عليه السّلام و اغتراره فقالوا:المراد بالحيّة هي القوّة المتخيّلة،و ذلك أنّ الوهم إنّما يتمكّن من التصرّف و بعث القوى المحرّكة كالشهوة و الغضب الّتي هي جنوده و شياطينه على طلب الملاذ البدنيّة و الشهوات الحسّيّة الدنيّة،و جذب النفس إليها بتصوير كونها لذيذة نافعة بواسطة القوّة المتخيّلة،و وجه تشبيهها بالحيّة أنّ الحيّة لمّا كانت لطيفة سريعة الحركة تتمكّن من الدخول في المنافذ الضيّقة و تقدر على التصرّف الكثير و هي مع ذلك سبب من أسباب الهلاك بما تحمله من السمّ و كانت المتخيّلة في سرعة حركتها و قدرتها على التصرّف السريع و الإدراك ألطف من سائر القوى و هي الواسطة بين النفس و الوهم و كانت بما اشتملت عليه من تحمّل كيد إبليس و إلقاء الوسوسة بواسطتها إلى النفس سببا قويّا للهلاك السرمد و العذاب المؤبّد لا جرم كان أشبه ما يشبه به الحيّة لما بينهما من المناسبة فحسن إطلاق لفظ الحيّة عليها.

استعارة مرشحة قوله نفاسة عليه ترشيح للاستعارة لأنّه لمّا كان جذب الوهم للنفس إلى الجنّة السافلة مانعا لها من الكرامة بدار المقامة و مستنزلا عن درجة مرافقة الملاء الأعلى،و كان ذلك أعظم ما تنفس به كما قال تعالى «وَ فِي ذٰلِكَ فَلْيَتَنٰافَسِ الْمُتَنٰافِسُونَ» 2و عرفت أنّ ذلك الجذب عن صورة معاداة كما سبق و كان من لوازم المعادة النفاسة على العدوّ بكلّ ما يعدّ كمالا لا جرم حسن إطلاق النفاسة هاهنا ترشيحا لاستعارة العداوة ،و النصب على المفعول له.

قوله فباع اليقين بشكّه و العزيمة بوهنه أي لمّا حصلت الوسوسة و الاغترار لآدم فانقاد لها كان قد بدّل ما تيقّنه من أنّ شجرة الخلد و الملك الّذي لا يبلى هو نور الحقّ و البقاء في جنّته و دوام مطالعة كبريائه بالشكّ فيه بواسطة وسوسة إبليس،و ذلك أنّ الامور الموعودة من متاع الآخرة و ما أعدّه اللّه لعباده الصالحين امور خفيت حقائقها على أكثر البصائر البشريّة،و إنّما الغاية في تشويقهم إليها أن يمثّل لهم بما هو مشاهد لهم من

نام کتاب : شرح نهج البلاغه ابن ميثم نویسنده : البحراني، ابن ميثم    جلد : 1  صفحه : 195
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست