نام کتاب : شرح نهج البلاغه ابن ميثم نویسنده : البحراني، ابن ميثم جلد : 1 صفحه : 119
مستلزمين لصحّة
الاستقرار مانعين من عدمه لا جرم حسنت استعارة نسبة الإتياد إلى الصخور و الجبال،و
أمّا إشعاره بالميدان،فلانّ الحيوان كما يكون صادقا عليه أنّه غيره مستقرّ على
الأرض بسبب انغمارها في الماء لو لم توجد الجبال كذلك يصدق على الأرض أنّهما غير
مستقرّة تحته و مضطربة بالنسبة إليه فثبت حينئذ أنّه لو لا وجود الجبال في سطح
الأرض لكانت مضطربة و مائدة بالنسبة إلى الحيوان لعدم تمكّنه من الاستقرار عليها .
الوجه الرابع قال بعض العلماء:
إنّه يحتمل أن
تكون الإشارة بالصخور إلى الأنبياء و الأولياء و العلماء و بالأرض إلى الدنيا أمّا
وجه التجوّز بالصخور عن الأنبياء و العلماء فلأنّ الصخور و الجبال لمّا كانت على
غاية من الثبات و الاستقرار مانعة لما يكون تحتها من الحركة و الاضطراب عاصمة لما
يلتجىء إليها من الحيوان عمّا يوجب له الهرب فيسكن بذلك اضطرابه و قلقه أشبهت الأوتاد
من بعض هذه الجهات،ثمّ لمّا كانت الأنبياء و العلماء هم السبب في انتظام امور
الدنيا و عدم اضطراب أحوال أهلها كانوا كالأوتاد للأرض فلا جرم صحّت استعارة لفظ
الصخور لهم،و لذلك يحسن في العرف أن يقال:فلان جبل منيع يأوي إليه كلّ ملهوف إذا
كان يرجع إليه في المهمّات و الحوائج و العلماء أوتاد اللّه في الأرض.
الوجه الخامس
أنّ المقصود من
جعل الجبال كالأوتاد في الأرض أن يهتدى بها على طرقها و المقاصد فيها فلا تميد
جهاتها المشتبهة بأهلها و لا تميل بهم فيتيهون فيها عن طرقهم و مقاصدهم و باللّه
التوفيق .
[قوله أوّل الدين معرفته.]
قوله أوّل الدين
معرفته.
أقول:لمّا كان
الدين في اللغة الطاعة كما سبق و في العرف الشرعيّ هو الشريعة الصادرة بواسطة
الرسل عليهم السلام و كان اتّباع الشريعة طاعة مخصوص كان ذلك تخصيصا من الشارع
للعامّ بأحد مسمّياته و لكثرة استعماله فيه صار حقيقة دون سائر المسمّيات لأنّه
المتبادر إلى الفهم حال إطلاق لفظة الدين،و اعلم أنّ معرفة الصانع سبحانه على
مراتب فأوليها و أدناها أن يعرف العبد أنّ للعالم صانعا،الثانية أن يصدّق
بوجوده،الثالثة أن يترقّي بجذب العناية الإلهيّة إلى توحيده و تنزيهه عن
الشركاء،الرابعة مرتبة الإخلاص له،الخامسة نفي الصفات الّتي تعتبرها الأذهان له
عنه و هي غاية العرفان و منتهى قوّة
نام کتاب : شرح نهج البلاغه ابن ميثم نویسنده : البحراني، ابن ميثم جلد : 1 صفحه : 119