و اجيب عن
ذلك أولًا: بأنّ الاطلاع على أحوال آحاد الرواة الجزئية يُعطي ضابطة كلّية مثل:
«كل ما رواه زرارة حجّةٌ». فالمسألة الرجالية باحثة في الحقيقة عن قضيّة «كل ما
رواه زرارة حجّة». و أما البحث عن وثاقة أشخاص الرواة و نحوها من الصفات، فهو من
باب تمهيد مقدمات المسألة.
و
ثانياً: بأنّه لا وجه للالتزام بكون مسائل العلوم كلّيةً؛ لشهادة الوجدان الخارجي
على خلاف ذلك. فانّا نرى كثيراً من العلوم تكون مسائلها جزئية، كعلم الهيئة الباحث
عن أحوال القمر و الشمس و سائر الكواكب، و علم الجغرافيا الباحث عن أقطار الأرض و
أحوالها الطبيعية، و علم العرفان الباحث عن اللَّه (تعالى).
و
لكن الصحيح هو الجواب الثاني؛ لأن الجواب الأول خروج عمّا سبق آنفاً في تعريف
المسائل بالبحث عن أحوال الرواة الدخيلة في اعتبار الخبر، فان المسائل الباحثة عن
ذلك جزئيةٌ غالباً.
و
بهذا البيان اتضح الغرض من هذا العلم و فائدته، و هي التعرُّف على أحوال الرواة و
الاطلاع على أوصافهم و خصوصياتهم الدخيلة في اعتبار الخبر.
تمايز هذا العلم عن علمي الدراية و التراجم
قد
سبق منّا في تعريفالدراية[1] أنّه علم
يبحثفيه عن أوصافالحديث و خصوصياته سنداً و متناً لمعرفة صحيحه و سقيمه.
و
لكن البحث في علم الرجال عن أحوال الرواة و أوصاف المحدّثين، ممّا له دخل في
اعتبار الحديث. و عليه فموضوع البحث في علم الدراية هو