الربا في النسيئة

تحرير محلّ النزاع وتعيين الرأي المشهور

إذا اتّحد جنس المكيل والموزون، فالمشهور بين الفقهاء عدم جواز المعاوضة بين المثلين المتساويين من الربويات نسيئةً. وترتّب حكم الربا عليه، رغماً لما هو ثابت في الشرع واتّفقوا عليه، من جواز المعاوضة بينهما نقداً.

وتتّفق النسيئة عادةً فيما إذا عادت منفعة التأجيل إلى كيس المُقدم على المعاملة. وقد يكون هو البائع، كما لو علم بانخفاض سعر متاعه في الأيّام القادمة، فيبيعه بمثله نسيئةً ليأمن من ضرر انخفاض السعر. واخرى يكون المُقدم هو المشتري لينتفع من المتاع خلال الأجل أو ليأمن من ضرر دفع أضعاف ثمنه فيما لو زاد ثمن الغلّة قبل حصادها بشهور أو أيّام.

والشهرة في المقام عظيمة؛ حيث لم يعلم الخلاف إلّامن الشيخ في «الخلاف» و «المبسوط»، كما صرّح بذلك العلّامة في «المختلف» والشهيد في «المسالك»[1] والمحدّث البحراني في «الحدائق»[2].

هذا في المتجانسين المتساويين. وأمّا في المتفاضلين منهما، فلا خلاف بينهم في حرمته لتحقّق شرائط الربا. وأمّا في غير المتجانسين، فاختلفوا في حرمته.

والمشهور جوازه، خلافاً للمفيد وسلّار وابن أبي عقيل وابنى الجنيد وسلّار. وهذا إذا كان العوضان المختلفان من قبيل العروض. وأمّا إذا كان أحدهما نقداً والآخر

[1] - مسالك الأفهام 3: 317- 318.

[2] - الحدائق الناضرة 19: 223- 224.