وأمّا
عكسها، وهو «ما لا يضمن بصحيحه لا يضمن بفاسده»، فاستدلّ له الشيخ الأعظم
بالأولوية. واستظهر ذلك من كلام شيخ الطائفة؛ حيث قال: «ثمّ إنّ مبنى هذه القضية
السالبة على ما تقدّم من كلام الشيخ في «المبسوط» هي الأولوية.
وحاصلها:
أنّ الرهن لا يضمن بصحيحه، فكيف بفاسده؟ وتوضيحه أنّ الصحيح من العقد إذا لم يقتض
الضمان مع إمضاء الشارع له فالفاسد الذي هو بمنزلة العدم لا يؤثّر في الضمان، لأنّ
أثر الضمان إمّا من الإقدام على الضمان، والمفروض عدمه، وإلّا لضمن بصحيحه، وإمّا
من حكم الشارع بالضمان بواسطة هذه المعاملة الفاسدة، والمفروض أ نّها لا تؤثّر
شيئاً. ووجه الأولوية أنّ الصحيح إذا كان مفيداً للضمان أمكن أن يقال: إنّ الضمان
من مقتضيات الصحيح، فلا يجري في الفاسد؛ لكونه لغواً غير مؤثّر، على ما سبق تقريبه
من أ نّه أقدم على ضمان خاصّ والشارع لم يمضه فيرتفع أصل الضمان».
ثمّ
أشكل عليه بقوله: «لكن يخدشها: أ نّه يجوز أن يكون صحّة الرهن والإجارة المستلزمة
لتسلُّط المرتهن والمستأجر على العين شرعاً مؤثّرة في رفع الضمان، بخلاف الفاسد
الذي لا يوجب تسلّطاً لهما على العين، فلا أولوية»[1].
بيان
ذلك: أنّ عدم الضمان في العقد الصحيح يمكن أن يكون لأجل تأثير العقد الصحيح نفسه
في رفع الضمان، ومن الواضح أنّ العقد الفاسد لا تأثير له في رفع الضمان.
وذلك
مثل عقد الرهن والإجارة فإنّهما يوجبان تسلّط المرتهن على العين
[1] - كتاب المكاسب، ضمن تراث الشيخ الأعظم 16: 193-
197.