غير العلم. و ظاهر الآيات القرآنية الواردة في مشيّته و إرادته أنهما من
صفات فعله، لا عين ذاته.
و أشكل أيضاً على التعريف الثانى بأنّ تعليق فعله (تعالى) على
مشيئته بكشف عن عدم كفاية الذات في مقام الفاعلية، بل تحتاج إلى ضمّ
ضميمة باسم المشيئة و هو منزّه عن أي نقص و حاجة.
و فيه: أنّ المشيئة لمّا كانت من صفات فعله- كما قلنا- يكون توقفه
على ذات الباري كتوقف ساير أفعاله عليها. و معنى ذلك أنّ خصوصية
ذاته (تعالى) تقتضى دوران صدور أفعاله مدار مشيئته و إرادته. و كون
ساير أفعاله (تعالى) في طول إرادته لا ينافى كون الارادة و المشيئة
منتزعتين من مقام فعله (تعالى)، كما لا ينافى ذلك كله توقف جميع افعاله
على ذاته المقدّسة بحيث تنتهى إليها جميع ما يصدر منه؛ لانتها جميع
العلل و المعاليل إليها بالمآل.
و عليه فلا يلزم من تعليق الفعل على مشيئته عدم كفاية ذاته لصدور
الأفعال منه (تعالى)، كما توهّمه بعضٌ.[1] و استنتج من إشكاله هذا عدم
إمكان تعريف قدرة الباري (تعالى) كيف؟ و قد علّق في كثير من الآيات
القرآنية الوقائع الحادثة في الأمم السالفة على مشيئته! بل صرّح في
بعضها بأنّ ما لم يقع من الحوادث إنما لم يقع لعدم تعلّق مشيئته
[1]-/ مفاهيم القرآن: ج 6، ص 381.