و الحق جواز إطلاق ما يليق بشأنه (تعالى) و يناسب لساحته المقدسة
من الأسماء و الصفات مما لا محذور عقلي و لا مستلزماً للنقص في
ذاته (تعالى)، سواءٌ ورد في الكتاب و السنة أم لا، بلا فرق في ذلك بين
التسمية و الجري و الاطلاق.
بيان ذلك: أنّ الأسماء على قسمين من جهة قابليتها للتجريد عما لا
يليق بشأنه من المعاني.
القسم الأول: ما وضع لمعنى عام غير مضيق بعالَم المادّة و الجسم
و لا محدود بنظام الكون و الفساد. كالعالم و السميع و القادر و الحيّ و
نحوها من الصفات المتحققة في غير النظام العادي الجسماني أيضاً، و
لذا يصح إطلاق هذه الصفات على الملائكة و الأجنّة من الموجودات
الخارجة عن المادة و الجسم. فاذا أطلق اسم من هذه الأسماء على ذات
الباري سبحانه يُجرَّد عن الجهة المادية الجسمانية؛ حيث وُضِعت هذه
الأسماء لمعاني عامّة واسعة قابلة للتجريد عن الجهة المادية.
القسم الثاني: ما وضع لمعنى مضيّق مختصّ بعالم المادة أو عالم
المجرّدات و الروحانيين. و هذا القسم تارة: يختصّ معناه بعالَم المادة و
الجسم، كالماشي و الجالس و القاعد و الآكل و الشبعان و العطشان و
الجسيم و الضاحك و الباكي، و نحو ذلك من الأسماء و الصفات
المختصة بالمخلوقات. فهذه الأسماء لايجوز إطلاقها على ذات الباري
(تعالى) بأيّ وجه و ليست قابلة للتجريد أصلًا.