«و معلوم أنّ الدعاء بأنواعه من العبادة فلا يجوز لأحد من الناس أن
يدعوا إلّاربه، و لا يستعين و لا يستغيث إلّابه، عملًا بهذه الآيات الكريمة
و ما جاء في معناها و هذا فيما عدا الامور العادية و الاسباب الحسيّة
التي يقدر عليها المخلوق الحي الحاضر فإن تلك ليست من العبادة بل
يجوز بالنص و الاجماع أن يستعين الانسان بالانسان الحي القادر في
الامور العادية التي يقدر عليها، كأن يستعين به، أو يستغيث به في دفع
شر ولده أو خادمه أو كلبه و ما أشبه ذلك، و كأن يستعين الإنسان
بالإنسان الحي الحاضر القادر أو الغائب بواسطة الأسباب الحسيّة
كالمكاتبة و نحوها في بناء بيته، أو إصلاح سيارته أو ما أشبه ذلك، و
من هذا الباب قول اللَّه عزّوجلّ في قصة موسى عليه الصلاة و السلام:
فاستغاثه الذي من شيعته على الذي من عدُوِّه. و من ذلك استغاثة
الإنسان بأصحابه في الجهاد و الحرب، و نحو ذلك، فأما الاستغاثة
بالأموات و الجنّ و الملائكة و الأشجار و الأحجار فذلك من الشرك
الأكبر و هو من جنس عمل المشركين الأولين من آلهتهم كالعزى و
اللات و غيرهما، و هكذا الاستغاثة و الاستعانة بمن يعتقد فيهم الولاية
من الأحياء فيما لا يقدر عليه إلّااللَّه كشفاء المرضى، و هداية القلوب، و
دخول الجنة، و النجاة من النار و أشباه ذلك»[1].
[1] -/ حراسة التوحيد: ص 39- 40