إنّ
محلّ الكلام في المقام هو الصبيّ المميّز، و إلّا فالصبيّ غير المميّز الذي لا
يعرف معنى المعاملة و العقود، لا كلام في بطلان ما صدر منه من المعاملات. نعم، لا
فرق بينه و بين غيره في بعض الأحكام الوضعية، كحصول الجنابة بالدخول، و ضمان
الإتلاف، كما صرّح به السيّد الماتن قدس سره في «كتاب البيع»[1].
و إنّما الكلام في حكم تصرّفات الصبيّ المميّز غير الرشيد مستقلّاً بلا إذن من
الوليّ. و أمّا المميّز الرشيد و ما صدر منه بإذن الوليّ، فوقع فيهما الكلام من
جهة نفوذ تصرّفاتهما، و سيأتي البحث عنهما تفصيلًا إن شاء اللَّه. و يمكن
الاستدلال على عدم جواز تصرّفات الصبيّ في الجملة بالكتاب و السنّة: أمّا الكتاب،
فقوله تعالى: «وَ ابْتَلُوا الْيَتامى حَتَّى إِذا بَلَغُوا النِّكاحَ
فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوالَهُمْ»[2].
فإنّ المتيقّن من مدلوله، عدم جواز دفع الأموال إلى الصبيّ قبل البلوغ و الرشد، و
هذا المدلول للآية ممّا لم يخالف فيه أحد. و أمّا ذكر اليتامى، فلا خصوصية له إلّا
بلحاظ ما يقع في أيديهم من أموال آبائهم بعد موتهم، فلذا اسند اليتم في نصوص
المقام إلى مطلق الصبيّ و الصبيّة قبل البلوغ، و ارتفاعه بالبلوغ، فكأنّه في
النصوص كناية عن عدم البلوغ.