إلى كلمة
ضارب و يقول: إني أضعها بوضعين: وضع من حيث هيأتها، و وضع من حيث مادتها.
أما
من حيث الهيئة فيقول: وضعت هيئة ضارب- التي هي هيئة فاعل- للدلالة على صدور الحدث
من الفاعل من دون ملاحظة حدث الضرب بخصوصه بل مطلق الحدث.[1]
و
أما من حيث المادة فيقول: وضعت مادة الضرب للدلالة على حدث الضرب ضمن أيّ هيئة
كان.[2]
و
بالجملة: إن الواضع إذا أراد أن يضع المشتقات فلا بدّ من وجود شيء يكون موضوعا
أوّلا حتّى يضع على ضوئه سائر المشتقات،[3]
فهو يضع أوّلا جميع المصادر ثمّ يأتي إلى ضارب مثلا و يضعها بوضعين، أحدهما من حيث
المادة، و ثانيهما من حيث الهيئة.
[1] يصطلح على وضع الهيئة بأنه وضع نوعي، لأن الواضع
يلحظ العنوان العام الكلي و يقول:
إن كل ما كان على زنة فاعل فقد
وضعته للدلالة على نسبة الحدث إلى فاعله.
[2] يصطلح على وضع المادة بأنه وضع شخصي، لأن الواضع لا
يلحظ عنوانا كليا بل يلحظ كلمة ضرب بشخصها و يضعها للدلالة على الحدث ضمن أيّ هيئة
كانت.
[3] و طبيعي ليس المقصود مطلق المشتقات بل المشتقات
المتناسبة مع المصدر في مادة اللفظ و في مادة المعنى، فإذا كان المصدر الموضوع
أوّلا هو كلمة ضرب فالمشتقات الملحوظة هي مثل ضارب و مضروب و ما شاكل ذلك التي هي
تشترك مع المصدر في المادة الأصلية للفظ- أي الضاد و الراء و الباء- غايته هي ذات
صورة خاصة في المصدر و صورة خاصة أخرى في المشتقات، ففي أحدهما تكون الضاد و الراء
و الباء من حيث الحركة و التقديم و التأخير بشكل، و في الآخر بشكل آخر.
و هكذا بالنسبة إلى المعنى، فإنه
واحد في كليهما، غايته هو بصورة في إحداهما، و بصورة أخرى في الآخر، فضارب يدل على
معنى الضرب و متلبّسا بصورة صدوره من الفاعل، بينما ضرب يدل على معنى الضرب و لكنه
لم يتلبّس بتلك الصورة.