السادس:
لا يعتبر في صدق المشتق بنحو الحقيقة التلبّس بالمبدإ حقيقة- كما في الماء الجاري-
بل يكفي التلبّس به و لو مجازا- كما في الميزاب الجاري- فإسناد الجريان إلى
الميزاب و إن كان مجازا إلّا أنه في الإسناد لا في الكلمة، فالمشتق في المثال بما
هو مشتق قد استعمل في معناه الحقيقي و إن كان إسناد مبدئه إلى الميزاب مجازا، و لا
منافاة بينهما أصلا كما لا يخفى.
و
لكن ظاهر الفصول بل صريحه اعتبار الإسناد الحقيقي في صدق المشتق حقيقة، و كأنه من
باب الخلط بين المجاز في الإسناد و المجاز في الكلمة، و لهذا صار محل الكلام بين
الأعلام.[1]
[1] نودّ أن نشير في نهاية مبحث المشتق إلى أن البحث
المذكور لم نجد له تطبيقا خلال ممارساتنا الفقهية ليعود بحثا عمليا و ذا ثمرة.
و أما مسألة الرضاع فقد تقدم عدم
ظهور الثمرة فيها.
أجل قد تفرض الثمرة في مسألة
الماء المسخّن بالشمس أو ما لو قيل: أكرم العلماء و فرض أن شخصا نسى علمه، إلّا أن
هذا و نحوه لا يستحق عقد بحث مطوّل في علم الأصول، بل ذلك مسألة استظهارية ترتبط
بكيفية استظهار الفقيه، و هل ترى من الوجيه عقد مسائل في الأصول لمفردات
الاستظهار، فيبحث في مسألة عن ظهور لا ينبغي في الحرمة أو الكراهة، و مسألة عن
ظهور كلمة البأس في الحرمة، و هكذا؟ كلا إن هذا لا داعي إليه.