و في هذا
المجال يمكن أن يقال: إن الفارق بينهما هو أن المشتق وضع لمعنى لوحظ كونه غير آب
عن الحمل بينما المبدأ وضع لمعنى لوحظ كونه آبيا عن الحمل، فهما إذن موضوعان
لمعنيين، أحدهما آب عن الحمل و الآخر غير آب عنه.
و
السبب في كون معنى المشتق غير آب عن الحمل هو أن معناه بالتحليل العقلي ينحل إلى
ذات+ التلبّس بالمبدإ، و هذه النكتة تجعل المشتق صالحا لأن يحمل على مثل زيد
المتلبّس بالمبدإ، فيصحّ أن نقول آنذاك: زيد ضارب، فزيد لمّا كان قد صدر منه
الضرب، و المفروض أن كلمة ضارب تنحل بحسب التحليل العقلي إلى ذات متلبّسة بالمبدإ،
فيحصل بسبب هذا نحو اتحاد بين الموضوع و المحمول- أي بين زيد الذي فرض صدور الضرب
منه و بين ضارب- و بالتالي يكون ضارب صالحا للحمل على زيد بسبب هذا الاتحاد الحاصل
بسبب التحليل، و هذا كله بخلافه في المبدأ، فإن كلمة ضرب مثلا لمّا لم تكن بحسب
التحليل العقلي منحلة إلى ذات و مبدأ لم يصح حملها على زيد بل كانت آبية عنه.
ثمّ
إنه ينبغي الالتفات إلى نكتة، و هي أن أهل المعقول قالوا: إن الفرق بين المشتق و
مبدئه هو أن المشتق ملحوظ بنحو اللابشرط و المبدأ ملحوظ بنحو بشرط لا، و مقصودهم
من مصطلح لا بشرط الإشارة إلى عدم الإباء عن الحمل، و من مصطلح بشرط لا الإشارة
إلى الإباء عن الحمل، فحينما يقال: إن المشتق اخذ بنحو اللابشرط فالمقصود أنه غير
آب عن الحمل، أي لا بشرط من حيث الإباء عن الحمل، و حينما يقال:
إن
المبدأ اخذ بنحو بشرط لا فالمقصود أنه آب عن الحمل، أي بشرط الإباء عن الحمل.