و نحن إذا
دققنا في الجملة الناقصة و في الحروف من قبيل من و إلى نجد انها جميعا تدل على نسب
ناقصة لا يصح السكوت عليها فكما لا يجوز ان تقول المفيد العالم و تسكت، كذلك لا
يجوز ان تقول السير من البصرة و تسكت و هذا يعني ان مفردات الحروف و هيئات الجمل
الناقصة كلها تدل على نسب اندماجية خلافا لهيئة الجملة التامة فإن مدلولها نسبة
غير اندماجية سواء كانت جملة فعلية أو اسمية.
المدلول
اللغوي و المدلول التصديقي:
قلنا
سابقا: إن دلالة اللفظ على المعنى هي أن يؤدي تصور اللفظ إلى تصور المعنى، و يسمى
اللفظ «دالا» و المعنى الذي نتصوره عند سماع اللفظ «مدلولا».
و
هذه الدلالة لغوية، و نقصد بذلك أنها تنشأ عن طريق وضع اللفظ للمعنى، لانّ الوضع
يوجد علاقة السببية بين تصور اللفظ و تصور المعنى، و على أساس هذه العلاقة تنشأ
تلك الدلالة اللغوية و مدلولها هو المعنى اللغوي للّفظ.
و
لا تنفك هذه الدلالة عن اللفظ مهما سمعناه و من أيّ مصدر كان، فجملة «الحقّ منتصر»
إذا سمعناها انتقل ذهننا فورا إلى مدلولها اللغوي سواء سمعناها من متحدث واع أو من
نائم في حالة عدم وعيه، و حتى لو سمعناها نتيجة لاحتكاك حجرين، فنتصور معنى كلمة
«الحقّ» و نتصور معنى كلمة «منتصر»، و نتصور النسبة التامة التي وضعت هيئة الجملة
لها، و تسمى هذه الدلالة لأجل ذلك «دلالة تصورية».