تمييزا له
عن التعارض المستقرّ، و هو التعارض الذي لا يتيسّر فيه الجمع العرفيّ.
الحكم
الثاني قاعدة تساقط المتعارضين:
و
إذا لم يكن أحد الدليلين قرينة بالنسبة إلى الدليل الآخر فالتعارض مستقرّ في نظر
العرف، و حينئذ نتكلّم عن القاعدة بلحاظ دليل الحجّيّة، بمعنى أنّنا إذا لم يوجد
أمامنا سوى دليل الحجّيّة العام الذي ينتسب إليه المتعارضان فما هو مقتضي هذا
الدليل بالنسبة إلى هذه الحالة؟
و
قبل أن نشخّص ما هو مقتضى دليل الحجّيّة نستعرض الممكنات ثبوتا، ثمّ نعرض دليل
الحجّيّة على هذه الممكنات لنرى وفاءه بأيّ واحد منها.
و
لاستعراض الممكنات ثبوتا نذكر عددا من الفروض لنميّز بين ما هو ممكن منها و ما هو
مستحيل ثبوتا و واقعا.
الافتراض
الأوّل: أن يكون الشارع قد جعل الحجّيّة لكلّ من الدليلين المتعارضين. و هذا
مستحيل لأنّ هذين الدليلين كلّ واحد منهما يكذّب الآخر فكيف يطلب الشارع منّا أن
نصدّق المكذّب- بالكسر- و المكذّب- بالفتح- معا.
فإن
قلت: إنّ الحجّيّة لا تطلب منّا تصديق الدليل بمعنى الاقتناع الوجداني به، بل
تصديقه بمعنى العمل على طبقه و جعله منجّزا و معذّرا.
قلت:
نعم الأمر كذلك، غير أنّ التصديق العمليّ بالمتكاذبين غير ممكن أيضا، فدليل الحرمة
معنى حجّيّته الجري على أساس أنّ هذا حرام