المخصوص بين
اللفظ و صورة المعنى. فمسلك الاعتبار هو الصحيح، و لكن بهذا المعنى. و بذلك صحّ أن
يقال: إنّ الوضع قرن مخصوص بين تصوّر اللفظ و تصوّر المعنى بنحو أكيد لكي يستتبع
حالة إثارة أحدهما للآخر في الذهن.
و
من هنا نعرف أنّ الوضع ليس سببا إلّا للدلالة التصوّريّة، و أمّا الدلالتان
التصديقيّتان الأولى و الثانية فمنشؤهما الظهور الحاليّ و السياقيّ للكلام لا
الوضع.
الوضع
التعيينيّ و التعيّني:
و
قد قسّم الوضع من ناحية سببه إلى تعييني و تعيّني، فقيل: إنّ العلاقة بين اللفظ و
المعنى إن نشأت من جعل خاصّ فالوضع تعيينيّ، و إن نشأت من كثرة الاستعمال بدرجة
توجب الألفة الكاملة بين اللفظ و المعنى فالوضع تعيّنيّ.
و
يلاحظ على هذا التقسيم بأنّ الوضع إذا كان هو (الاعتبار) او (التعهّد)، فلا يمكن
أن ينشأ عن كثرة الاستعمال مباشرة، لوضوح أنّ الاستعمال المتكرّر لا يولّد بمجرّده
اعتبارا و لا تعهدا، فلا بدّ من افتراض أنّ كثرة الاستعمال تكشف عن تكوّن هذا
الاعتبار أو التعهّد، فالفرق بين الوضعين في نوعيّة الكاشف عن الوضع.
و
هذه الملاحظة لا ترد على ما ذكرناه في حقيقة الوضع من أنّه (القرن الأكيد) بين
تصوّر اللفظ و تصوّر المعنى، فإنّ حالة (القرن الأكيد) تحصل بكثرة الاستعمال أيضا
لأنّها تؤدّي إلى تكرّر الاقتران بين تصوّر اللفظ و تصوّر المعنى فيكون القرن
بينهما أكيدا بهذا التكرّر إلى