إذا ألقي
على ذهن شخص يعيش اللغة و نظامها بصورة صحيحة هل سوف تسبق إلى ذهنه الصورة الأولى
أو الصورة الثانية؟ فإن عرفنا أن إحدى الصورتين أقرب إلى السياق بموجب النظام
اللغوي العام- و لنفرضها الصورة الثانية- تكوّن للسياق- ككلّ- ظهور في الصورة
الثانية و وجب أن نفسر الكلام على أساس تلك الصورة الظاهرة.
و
يطلق على كلمة الحديث في هذا المثال اسم «القرينة» لأنها هي التي دلت على الصورة
الكاملة للسياق و أبطلت مفعول كلمة البحر و ظهورها.
و
أما إذا كانت الصورتان متكافئتين في علاقتهما بالسياق فهذا يعني أن الكلام أصبح
مجملا و لا ظهور له، فلا يبقى مجال لتطبيق القاعدة العامة.
القرينة
المتصلة و المنفصلة:
عرفنا
أن كلمة «الحديث» في المثال السابق قد تكون قرينة في ذلك السياق، و تسمى «قرينة
متصلة» لأنها متصلة بكلمة البحر التي أبطلت مفعولها و داخلة معها في سياق واحد، و
الكلمة التي يبطل مفعولها بسبب القرينة تسمى ب «ذي القرينة».
و
من أمثلة القرينة المتصلة الاستثناء من العام، كما إذا قال الآمر:
«أكرم
كلّ فقير إلّا الفسّاق»، فإن كلمة «كلّ» ظاهرة في العموم لغة، و كلمة «الفسّاق»
تتنافى مع العموم، و حين ندرس السياق ككل نرى أن الصورة التي تقتضيها هذه الكلمة
أقرب إليه من صورة العموم التي تقتضيها كلمة «كلّ»، بل لا مجال للموازنة بينهما، و
بهذا تعتبر أداة