الى سببيتها
للحدث الأكبر حينما قيل: وَ إِنْ
كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا
فما هو الوجه بعد هذا لتكرار الإشارة إليها؟ و النكتة هي انه ما دام قد أشير إلى
ان الوظيفة هي التيمم في حالة عروض سببي الحدث الأصغر مع عدم التمكن من استعمال
الماء فتبقى الحاجة إلى بيان الوظيفة في حالة عروض سبب الحدث الأكبر مع عدم التمكن
من استعمال الماء، و من دون التنصيص على الحالة الرابعة و انه عند عدم التمكن من
استعمال الماء تنتقل الوظيفة إلى التيمم لا يمكن فهم ذلك و تبقى الحالة الرابعة
بلا بيان لحكمها.
و
بهذا أيضا يتّضح اندفاع إشكال آخر، و هو انه لماذا لم تكتف الآية الكريمة بان تقول
هكذا: و ان لم تجدوا الماء فتيمموا صعيدا طيبا بلا حاجة للإشارة إلى الحالات
الأربع؟ و الجواب: ذلك لبيان السبب الثاني للحدث الأصغر و أيضا لبيان حالتين لا
يمكن فيهما استعمال الماء عادة عند تحقّق السبب الأول للحدث الأصغر.
كما
اتّضح ان المراد من عدم وجدان الماء: عدم التمكن من استعماله و هو أعم من عدم
وجدانه أو عدم القدرة على استعماله مع وجوده للضرر. و القرينة على ذلك ذكر المرض،
فانه لا يلازم عدم وجود الماء بل عدم التمكن من استعماله.
و
اتّضح أيضا ان الحرف «أو» في قوله تعالى: أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ
مِنَ الْغائِطِ لا داعي لتفسيره بالواو كما حاول البعض[1]،
فان التفسير المذكور وجيه لو لم نرجع الحالتين الأوليين إلى السبب الأول للحدث
الأصغر، و هو القيام إلى الصلاة من النوم و إلّا فلا حاجة إلى ذلك.
[1] كالفاضل المقداد في كنز العرفان 1: 24، و المحقق الأردبيلي
في زبدة البيان: 19، و القرطبي في تفسيره 5: 220.