إنما هي
للإمام العالم بالقضاء العادل في المسلمين، لنبي أو وصي نبي»[1]،
و التحاكم إلى غيره محرّم حتى على فرض قضائه بالحقّ، فان التحاكم إليه بنفسه
محرّم، و قد ورد في صحيحة أبي خديجة: «قال أبو عبد اللّه جعفر بن محمد الصادق عليه
السّلام: إيّاكم ان يحاكم بعضكم بعضا إلى أهل الجور و لكن انظروا إلى رجل منكم
يعلم شيئا من قضايانا فاجعلوه بينكم فاني قد جعلته قاضيا فتحاكموا إليه»[2]،
فان ذيلها يدل على لزوم التحاكم إلى خصوص من نصبوه قاضيا.
و
على هذا يكون التحاكم إلى من لا يحكم بالحقّ محرّما باعتبار انه تحاكم إلى
الطاغوت، و هو محرّم بمقتضى الآية الأولى، و أمّا التحاكم إلى من لم ينصب للقضاء- على
تقدير قضائه بالحقّ- فهو محرّم أيضا بمقتضى الروايات الشريفة بل يمكن استفادة
تحريمه من الآية الكريمة الثانية لان التصدّي للقضاء ممن لم ينصب له مصداق للظلم،
و التحاكم إلى مثله نحو من الركون إلى الظالم فيكون منهيا عنه.
تبقى
قضية يجدر الالتفات إليها، و هي ان التصدّي للقضاء ممن ليس له أهليته إذا كان
محرما فكيف أبقى الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام شريحا في منصب القضاء أيام
خلافته؟
و
الجواب: ان من المحتمل ان يكون شريح في تلك الفترة عادلا. و على تقدير عدم عدالته
فمن القريب ان يكون الوجه في ذلك قوة المركزية التي كان يمتلكها شريح إلى حدّ لم
يتمكن عليه السّلام من عزله. و لعله من باب الجمع بين الأمرين أمره بان لا ينفّذ
حكما إلّا بعد عرضه عليه فقد جاء في صحيحة
[1] وسائل الشيعة 18: 7، الباب 3 من أبواب صفات القاضي،
الحديث 3.
[2] وسائل الشيعة 18: 4، الباب 1 من أبواب صفات القاضي،
الحديث 5.