وَ
قاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقاتِلُونَكُمْ وَ لا تَعْتَدُوا إِنَّ
اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ[1].
دلت
الآية الكريمة على ان من يجب قتاله خصوص من يقاتل، أمّا من لم يقاتل فلا يقاتل.
و
الدلالة بهذا المقدار واضحة، و انما الكلام في المقصود من: الذي يقاتل.
قد
يقال: المقصود جميع الكفار، فان صفة الكفار أجمع و شأنهم انهم يقاتلون، فالقيد على
هذا ليس احترازيا بل هو توضيحي و بيان لحالتهم و صفتهم العامة.
هذا
و من القريب ان يكون القيد احترازيا و انه تجب مقاتلة الرجال دون العاجزين عن
القتال كالنساء و الشيوخ و الأطفال.
و
إذا قيل: ان من لا يقدر على القتال لا معنى للنهي عن مقاتلته بلسان:
لا
تقاتله بل المناسب النهي عن قتله و ليس عن قتاله.
قلنا:
ان لسان الآية لسان الأمر بقتال من يقاتل و ليس لسان النهي عن قتال من لا يقدر على
القتال حتى يقال: انه لا معنى للنهي عن ذلك. هذا لو قلنا بان صيغة باب المفاعلة
تدل على المشاركة، و ذلك أول الكلام.
ثم
انه يوجد احتمال ثالث في الآية الكريمة، و هو الأمر بمقاتلة من يقاتل دون المسالم
المستعد للصلح. و بناء على هذا الاحتمال يتّحد مضمون الآية الكريمة مع الآية
المتقدمة وَ إِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَها.
ثم
ان الآية الكريمة قد اشتملت في ذيلها على حكم آخر حيث قالت:
وَ
لا تَعْتَدُوا، و هذا يدل على ان جميع أنحاء الاعتداء محرّم كهدم المستشفيات و قتل
الحيوانات و تدمير محطات توليد الطاقة الكهربائية و ما