تدلّ
الآيتان الكريمتان على حرمة القتال في الأشهر الحرم- و هي رجب، ذو القعدة، ذو
الحجة، محرم- فيما إذا لم ينتهك العدو حرمة تلك الأشهر و إلّا جاز للمسلمين قتاله
فيها ف الشَّهْرُ الْحَرامُ بِالشَّهْرِ الْحَرامِ.
و
هذا الحكم يستند إلى قاعدة كلية أوسع، و هي ان الحرمات قصاص، فكل حرمة إذا انتهكت
فيجوز بالمقابل الاقتصاص بمثلها.
ثم
فرّعت الآية الكريمة الثانية على تلك القاعدة الوسيعة حكما عاما وسيعا أيضا، و هو
ان كل من اعتدى على غيره فيجوز لذلك الغير الاعتداء بالمثل من دون زيادة، فان من
اتّقى اللّه و لم يزد في قصاصه فاللّه معه، حيث انه مع المتّقين.
و
سيأتي في الآية رقم 64 المقصود من كونه سبحانه مع المتّقين.
و
في ضوء هذا يمكن ان نقول ان هناك حكمين:
أحدهما:
خاصّ بباب القتال و الجهاد، و هو ان كل من انتهك حرمة الشهر الحرام جاز للغير
القصاص منه بالمقابل.
ثانيهما:
عام يعم باب القصاص بشكل عام، و هو ان كل من اعتدي و جني عليه بأي نحو من أنحاء
الجناية فيجوز له بالمقابل الجناية بالمثل.
و
الحكم الاول مناسب لباب الجهاد و الثاني مناسب لباب القصاص.