فصلٌ
في عودهم إلـى المدينة ومرورهم بكربلاء
مُذْ عادتِ النساءُ والعيالُ
إلى العراقِ للدليلِ قالوا:
مُرَّ بنا على طريقِ كربلا
مصرعُ ساداتِ بني عَمْرو العُلا
نبكي على أهلِ الوفا والصدقِ
فيها ونَقْضِي ما لَهمْ مِنْ حقِّ
وافُوا إليها بعيُونٍ عَبْرى
وحَرِ أَشْجانٍ تُذيبُ الصَخْرا
وقد أقامُوا عندَها أيَّاما
يبكونَ بَدْراً سَكَنَ الرُّغاما
وأنجماً تُزري سَناً بالشُّهبِ
غيَّبَها الحِمامُ تَحْتَ التُرَبِ
وانفصَلُوا منها ولمَّا قارَبُوا
طَيبَةَ وابنُ حذْلَمٍ مصاحِبُ
قال له السجَّادُ: يا بشيرُ
هلْ أنتَ بالشِّعْرِ امرؤٌ بصيرُ؟
قال نعم قال امضِ نحوَ يثربِ
وانعَ بها سِبطَ النبي الأنجبِ
قال بشيرٌ: فَركِبتُ فَرَسي
وجِئْتُ نحوَ المسجدِ المقدَّسِ
لأَهلِها ناديتُ: لا مُقامُ
لكُمْ بها، قَدْ قُتِلَ الإمامُ
الجسمُ منه بالطفوفِ مُودَعُ
والرأسُ من فوقِ القناةِ يُرفَعُ
هذا ابنُه بِقُربِكُم نزولُه
وافى إليكُم وأنا رسولُه
لم تبقَ في طَيبةَ ذاتُ خِدْرِ
إلا بَدَتْ ناشرةً للشَّعرِ
ضاربةَ الوجوه والشعورِ
تعجُّ بالويلِ وبالثبورِ
ففارَقوا ناعيَه وساروا
وفيهمُ قد ضاقَتْ القِفارُ
جاؤوا خِباءَ السيدِ السجَّادِ
بدا ودَمْعُ ناظريه بادي