وهو عودة الأجسام إلى حياتها بعد موتها وتفرق أجزائها والدليل عليه
أمور:
(الأول) أنه بعدما ثبت أن لهذا العالم صانع قادر مدبر حكيم مختار
فقبيح منه أن لا يجعل داراً أخرى يعيد فيها خلقه ليجزي الذين أساؤا بما عملوا
ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى فيعاقب فيها الظالم على ظلمه ويجازي المحسن على إحسانه
ويأخذ لكل ذي حق حقه ويثيب فيها من أطاعه ويعاقب من عصاه وإلّا لأستوى حال الظالم
والمظلوم والمطيع والعاصي تعالى الله عن ذلك علواً كبيرا وإذا ثبت لك قبح عدم
الإعادة وتبين لك مما تقدم عدم صدور القبيح منه تعالى ظهر لك الإعادة أمر متحقق لا
محالة.
(الثاني) أنه قد بينا أنه تعالى لا يصدر منه الكذب في كلامه وأخباره
وقد أخبر بالمعاد فقال في كتابه المجيد [مَنْ يُحْيِ
الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ* قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ
وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ][1] وقال تعالى [أَيَحْسَبُ الْإِنسَانُ
أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظَامَهُ* بَلَى قَادِرِينَ عَلَى أَنْ نُسَوِّيَ بَنَانَهُ][2]
وقال تعالى [أَفَلَا يَعْلَمُ إِذَا بُعْثِرَ مَا فِي الْقُبُورِ* وَحُصِّلَ
مَا فِي الصُّدُورِ][3] وقال تعالى [فَسَيَقُولُونَ مَنْ
يُعِيدُنَا قُلْ الَّذِي فَطَرَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ][4] وقال تعالى [قُلْ إِنَّ
الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ* لَمَجْمُوعُونَ إِلَى مِيقَاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ][5]
إلى غير ذلك من الآيات القرآنية الدالة على ذلك فلا بد أن يكون المعاد متحققاً
لأنه أمر ممكن صدوره من الله وقد أخبر الله تعالى بتحققه فيكون متحققاً لا محالة.
(الثالث) أن الله أوعد المطيع بالثواب وتوعد العاصي بالعقاب بعد
الموت ولا يتصور الثواب والعقاب بعد الموت إلّا بالإعادة فيجب على الله الإعادة
إيفاءاً بوعده وتنجيزاً لوعيده وقد قال تعالى [إِنَّ
اللَّهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَاد][6] وأن الله منجز لكم ما وعدكم، وينبغي التنبيه على أمرين: