هيئت فيه وسائل الراحة فسئل عن الطواف في
الحج فأجاب السائل أنه ينبغي الاحتياط بإعادة الطواف مرتين مرة بين المقام و
الكعبة و مرة خارج المقام فأجابه السائل قائلا سيدي أنت هنا في هذا الجو الجميل و
ما تدري ما يقاسي الطائف بالبيت من الصعوبة و هذا ما يجعل الانسان يترك الحج و
يصبح من الأعمال التي لا تطيقها النفوس و لا ترضاها العقول فعليك بإتعاب النفس في
الاجتهاد لمعرفة الحكم و الفتوى دون الاحتياط.
نعم قد يتخيل المتخيلون ذلك و لكن لا يصح أن يعطى للعقل السلطة
التامة في معرفة الاحكام و الحرية الكاملة في تفهمها و تعقلها و نبذ الكتاب و
السنة و الاجماع وراء الظهر لأن ذلك ينتهي بنا إلى إيجاد شرع جديد كيف و الاحكام
الشرعية أمور توقيفية لا مسرح للعقل فيها لقصوره عن الاحاطة بجهاتها و خواصها و
أسرارها مع ما نرى من بناء الشرع على جمع المختلفات و تفريق المجتمعات كما يشهد
بذلك دية أصابع المرأة فأي عقل يدرك ذلك و كيف يطمئن العاقل فضلا عن الفقيه الخبير
بالحكم بالتأمل فيما بدا له من الجهات و لهذا لا نرى فقيها من أول الطهارة إلى آخر
الديات إعتمد على عقله في حكم من الاحكام بدون الاستنار إلى النصوص و القواعد
الشرعية. نعم لو حصل له القطع بالحكم الشرعي كان القطع حجة له و عليه، لكن الكلام
في حصوله من الادلة العقلية التي ذكروها كالاقيسة و الاستحسانات و غيرها بل و حتى
قاعدة التحسين و التقبيح فانها ليست توجد إلا في موارد نادرة ثبت حكمها بالضرورة
كرد الوديعة و قتل النفس المحترمة لأن موضوعها هو ما حكم العقل بإستحقاق العقاب
على تركه و الثواب على فعله مما بيده الأمور و له السلطة و السطوة كيف و لا ريب في
أنه ليس للعقل الاطلاع