المبحث الخامس: مباحث الأخبار

قد اشترط بعضهم وجود الإجماع أو في حجيته وإن فرض وجوده عدم سبق الخلاف وفي المقام ثلاثة أقوال:

أولها: وهو المشهور بل المنصور عدم الاشتراط في شي‌ء منهما أصلًا.

ثانيها: إنه من شرائط الوجود وهو المصير في.

ثالثها: كونه من شرائط الحجية حجة الأولين إن الإجماع بعد الخلاف ممكن.

ولا مانع من وجوده إذْ لا منافاة بين الخلاف السابق والوفاق اللاحق بل الظاهر أن أكثر الإجماعات أو كثيراً منها إنما يقع بعد الخلاف فأنا نعلم يقيناً أنه ربما انطبقت كلمة المتأخرين على أمر مع وقوع الخلاف فيه بين القدماء ومن جملة ذلك اتفاق التابعين على منع بيع أمهات الأولاد مع سبق اختلاف الصحابة في ذلك واتفاقهم على دفن الرسول (ص) في قبته بعد الخلاف وكذا اتفاقهم على وجوب الغسل بالتقاء الختانين بعد الاختلاف فيه وكذا الاتفاق على التكفير والتختم باليسار واستحباب الصلاة خير من النوم في الآذان إلى غير ذلك. بل الظاهر أن وجود الإجماع بعد الخلاف كاد في سلك الضروريات.

حجة من زعم شرطية الوجود:

إن حصول الإجماع بعد الخلاف ناقض لحجيته حيث يلزمه تناقض الإجماعين وتعاندهما، بيان ذلك إن حصول الخلاف في الزمن السابق قاضٍ بالإجماع من أهله على جواز الأخذ بقول كل ذي رأي والإجماع اللاحق يقضي بتعين مدلوله فيتعارض الإجماعان. وجوابه من وجهين:

الأول: إن الإجماع السابق مشروط بعدم اللاحق فبعد وجود الثاني ارتفع الشرط فيرتفع المشروط، وبطريق آخر موضوع متعين إذْ متعلق الأول هو الزمن الأول كما أن الزمن الثاني متعلق الإجماع الثاني فلا يبقى معارضة أصلًا.

الثاني: إنا لا نسلم حصول الإجماع سابقاً على جواز الأخذ بكل رأي من الآراء كيف وكل من المجتهد يخطأ صاحبه ويرى الحق معه.