متأسياً فيه بعمل آخر على غير تلك الصفة أنه متابع ومتأسي لأنَّ صفتي الفرض والنفل من قبيل الصفات المنوّعة بخلاف صفات الوجوب الأصلي والتوصّلي والكفائي والعيني وغيرها، ولأن سلّمنا ذلك عرفاً وأنه يقال لمن عمل عملًا على نحو ما عمل الآخر متابعاً له أنه متابع له ومتأسي به فلا نسلّم أنَّ في أدلة وجوب التأسي عموم يشمل هذا الفرد غاية ما في الباب أنه أطلاق وحكايات أفعال وهما منصرفان للفرد الظاهر في الأطلاق والمتيقّن في الفعل وأن لم يكن هناك فرد ظاهر فهو فرد متيقّن وضعف الأطلاق يقضي بالأقتصار عليه وأن علم جوازه بحيث دار بين الأحكام الثلاثة لو قلنا بصدور المباح عنهم أحتمل أستحباب التأسي لقلة المباح في أفعالهم وأحتمل عدمه لأصالة عدم الرجحان ولو دار بين كونه طبيعياً أو شرعياً أحتمل الوجهان، والأقوى عدم أستحباب التأسي فيه هذا كلّه فيما يتعلّق بأفعال نبيّنا (ص) والأئمة (ع) ولو نقل فعل الأنبياء السابقين (ع) لم يجب أتباعه علم وجهه أم لا لعدم وجوب التأسي بهم وعدم دليل على مشاركتنا لهم في التكليف إلَّا ما ورد مدحه في شرعنا من الأفعال فأنه بظاهره يدل على حسنه مطلقاً وأما ما كان ثابتاً من الأحكام في الشرائع السابقة ولم يعلم نسخه فجريان الأستصحاب فيه مشكل لتعلّقه بالمكلفين السابقين وقد تبدل الموضوع وأستصحاب الحكم نفسه من دون ملاحظة المكلّف يشبه أستصحاب الجنس وهو ممنوع.

البحث السابع والأربعون‌

في أنَّ في الواقع أحكاماً مختلفة منقسمة إلى الأحكام الخمسة الشرعية والوضعيّة داخلة فيها حينئذ أو الستة بخروج الوضعية عنها عقلية أو عادية أو عرفية أو شرعية وهذه أي الشرعية هي التي أخبر عنها مبدع الأشياء في الكتب المنزّلة من السماء، وكذا الأنبياء والأوصياء (ع) وبذل الجهد في معرفتها العلماء والفضلاء، فصرفوا الأعمار وتتبعوا السيّر والآثار وأجالوا الفكر في الأخبار المرويّة عن النبي المختار (ص) وأهل بيته الأئمة الأطهار (ع) فمن وقف عليها أصاب ومن زاغ عنها زاغ عن الصواب وهي قد تتعلق بعنوان لا يتغيّر كالمكلفين من مطلق البشر، وكالأنثى والذكر وقد تتعلق بما يتغير ويتبدل كعنوان السفر والحضر وناوي الإقامة وكثير السفر