وهذه الإجماعات وإن كانت إنما تثبت عدم
أصالة الحجية للظن ولا تثبت أصالة عدم جواز العمل به ولكن الفرض المهم ذلك كما
ستعرف وتدل عليه أيضا الإجماعات[1] المنقولة
على أصل البراءة.
الدليل الرابع على حرمة العمل بالظن وهو العقل:-
وأما دليل العقل فمنه ما يقضي بعدم جواز العمل بالظن القاضي بعدم
حجيته بالطريق الأولي.
ومنه ما يقضى بعدم الحجية فقط، وعلى كل حال فالعقل يمنع من الإتكال
على الظن في الدماء والفروج والأنساب والأموال وغيرها كما صرح به[2] جماعة.
ففي (الغنية)[3]" أن
العقل يمنع من الاقدام على ما لا يؤمن من كونه مفسده"
(وفي المعارج)[4]" لكن
الظن قد يخطيء فلا يعمل به إلا مع دلالة تدل عليه".
(وفي الوافية)[5]" لا
يجوز كون الظن من حيث هو ظن مناط للأحكام الشرعية ما لم يكن ناشئا عما ثبت اعتباره
شرعا إذ كثيرا ما يحصل هذا الظن بأسباب أخر مثل هوى النفس أو التعصب أو الحسد ونحو
ذلك، كما هو مشاهد محسوس فيحصل الهرج والمرج في الدين لاختلاف الناس في هذه
الأسباب فيجب أن يكون الظن الذي يجوز العمل به مضبوطا" انتهى.
وفي فوائد مولانا الأغا[6]" أن
جميع ما استدلوا به على عدم حجية العقول في الأحكام الشرعية يدل عليه". وقال
أيضا:" ظن الرجل أمر وحكم الله أمر أخر وكونه